الإعلامية سهير شلبى من أشهر مذيعات التليفزيون فى عصره الذهبى فى فترة الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضى، نجحت فى أن تتميز بإطلالة مختلفة إضافة إلى تمتعها بدرجة كبيرة بالثقافة والقبول وهو ما جعلها تمتلك رصيدًا كبيرًا فى قلوب المشاهدين من كل الفئات المختلفة ومن خلال برامجها المتنوعة (نجوم فى القلب،دردشة، اليوم المفتوح، تاكسى السهر، حفلات ليالى التليفزيون). ومع نجاحها المستمر تدرجت فى المناصب القيادية داخل ماسبيرو وإلى جانب نجاحها المهنى كانت لها حكاياتها أمام الشاشة من خلال لقاءاتها مع رموز المجتمع من نجوم الفن والثقافة والفكر ومختلف المجالات كما كانت لها ذكرياتها التى شهد عليها ماسبيرو مع أول وآخر قصة حب فى حياتها وزواجها من الإعلامى الكبير الراحل أحمد سمير وحول كل هذه التفاصيل وأسرار كثيرة وتقييمها ورأيها لما وصل إليه ماسبيرو وما تأمله كان لنا معها هذا الحوار التحقتى بالعمل فى ماسبيرو مع بدايات انطلاق عصره الذهبى فهل ترين نفسك محظوظة؟ بالفعل أنا محظوظة ليس فقط لالتحاقى بالعمل فى ماسبيرو، ولكن بعد نجاحى فى الاختبارات دون «واسطة» وعمرى لا يتجاوز الواحد والعشرين عامًا وفى تلك الفترة المهمة والتى شهدت عصره الذهبيى لماسبيرو ورسم خريطته الإعلامية والريادة له فى المنطقة العربية كنت من القليلات اللاتى ظهرن على الشاشة وكان عددنا قليلا فى هذا الوقت وكان هذا سلاحا ذا حدين لأنه يسلط الضوء فيزاد الإحساس بالمسئولية والمنافسة ويزيد من الاجتهاد وفى الوقت نفسه يعطى فرصة أكبر للظهور؛ حيث كنت أول مذيعة لبرامج المنوعات ولعب الحظ دوره معى حينما تصادف أن أول شيء أقدمه على الهواء حفل المطربة فيروز وكان من المفترض ألا أتحدث أكثر من خمس دقائق ولكن لحدوث عطل فنى وأشياء أخرى تأخر ظهورها على المسرح لمدة ساعة ونصف الساعة وهنا كان لابد من مواصلة الحديث على الهواء فكان أول وأصعب اختبار وبالفعل ارتجلت الحديث واستعنت بمعلوماتى عن فيروز والغناء ونجحت مما لفت أنظار المخرجين والمسئولين ومن هنا أصبحت مذيعة لأشهر الحفلات والمناسبات التى تذاع على الهواء مباشرة، ومن وقتها أدركت أن الثقافة سلاح الإعلامى وتأكد لى نصيحة والدى الكتور أحمد شلبى حينما علم بالتحاقى بالعمل الإعلامى وتحولت النصيحة إلى شرط هو احترام الكلمة والأهم الضمير المهنى الإعلام رسالة والكلمة مسئولية. ما مقومات المذيعة الناجحة وما رأيك فيما ترينه حاليًا على الشاشة؟ الثقافة والأناقة والرشاقة هو مثلث نجاح المذيعة لأنها لابد أن تكون على درجة عالية ليس فقط بالموضوع الذى تناقشه ولكن تتمتع بثقافة واسعة وتحرص دائما على القراءة والمتابعة وفى الوقت نفسه لابد أن تكون مثالا للأناقة ونموذجًا يحتذى فيما يؤكد قيم مجتمعها واحترامها للمشاهد قبل نفسها فى ترتديه أما العامل الثالث الرشاقة حتى تكتمل الصورة النهائية بشكلها الجمالى وتحقق الجاذبية فى الحوار، ولكن للأسف ما يحدث الآن مع الغالبية عكس ذلك تمامًا فالمذيعة لا تعلم عن الموضوع الذى تناقشه إلا قبله بدقائق وتعتمد بشكل أساسى وكلى على فريق من المعدين وأثناء الإذاعة تتواصل معهم وكأنها تتلقن الأسئلة وهذا ينعكس عليها والمشاهد وأعى ويدرك ذلك كما أن بعضهن تعتمد على المبالغة والخروج عن المألوف فى الملابس والإكسسورات وخلافه اعتقاد منهن لجذب المشاهد ولكنها بلا شك تأتى بنتيجة عكسية تمامًا فالوسطية فى كل شيء مطلوب، ولكن هذا لا ينفى أن القليلات على الشاشات سواء فضائية أو أرضية يسرن على الطريق الصحيح. أجريت العديد من اللقاءات والحوارت من خلال برامجك المختلفة فما أهمها؟ لقد تشرفت بلقائى مع نخبة من رموز الفكر والثقافة والفن فى فترة كانت زاخرة على انطلاق عصر ذهبى على كل الأصعدة المختلفة ولكن هناك لقاءات اعتبرها ليس فقط محطات فى مشوارى الاعلامى بل علامات فارقة هى رصيد تاريخى كله فى مقدمتها لقائى بموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب حينما كنت عضوًا فى لجنة تحكيم مسابقة المواهب الغنائية، وكان علينا أن نذهب مع الفائزين فى المرحلة النهائية إلى منزل الموسيقار وكان من بينهم إيهاب توفيق وسمية الخشاب، من هنا بدأت وتشرفت بصداقتى معه ولكن لم أحظ بإجراء حوار تليفزيونى وفى أثناء تقديمى لليوم المفتوح تحدثت عنه كإنسان وفنان وإذا بالمفاجأة لتلقى منه اتصال هاتفى يشكرنى على حديثى عنه وكان قليل الكلام ولكنه عذب الحديث واللسان. أما اللقاء الثانى فهو لقاء إنسانى بكل المقاييس قبل أن يكون مهنيًا وتشرفت بأن أكون آخر إعلامية تجرى حوارًا مع النمر الأسود أحمد زكى حينما كان عائدًا من رحلته العلاجية الأخيرة ووقتها انتظره الإعلاميون ولكنه قرر الهروب منهم وخرج من باب قرية البضائع وكنت فى انتظاره واستقليت معه سيارة الإسعاف ومعنا المصور وحرصت على تسجيل حوار معه وكان كله أمل بالتغلب على المرض. وفور عودتى قمت بتقديم الريبورتاج وتصاحبه الأغنية المعروفة من فيلمه النمر الأسود (أتقدم) وكان يذاع الريبورتاج عقب النشرات الإخبارية وكفاصل أساسى بين البرامج داعين له بالشفاء فكم كانت تلك الرسالة مؤثرة فى قلبوب جماهيره. لم يشهد ماسبيرو على نجاحك فقط ولم تسجل أورقته محطاتك المهنية بل هو أيضًا شاهد على قصة حبك والتى كانت ولاتزال الأشهر؟ بابتسامة تجمع بين الحزن والحنين قالت: «سهير وسمير» كانت ومازالت أشهر قصص الحب فى ماسبيرو واستوديو (1) شاهد على أول لقاء حينما قابلته على باب الاستوديو فور انتهائى من التقديم ليقدم موجز الأنباء وكان وقتها أحمد سمير الإعلامى المتميز بصوته القوى والذى لا يختلف عن شخصيته وثقافته وأفقه الواسع الذى يليق بمذيع للنشرات والبرامج الإخبارية، ولعبت الصدفة دورها حينما طلب المسئولون ثلاة إعلاميين لتقديم أحد البرامج فكان أحمد سمير ومنى جبر وكانت المفاجأة ترشيحى أنا الثالثة ومن وقتها تلاقت أرواحنا ولم يفرقنا إلا الموت فكنت زميلته وصديقته قبل أن أكون حبيبته وزوجته وأم أولاده وبرحيله لم تنته القصة ولن ينضب حبه. كانت لك تجربة مع التمثيل لماذا لم تتكرر ؟ فى الحقيقة أنا عاشقة للتمثيل منذ الطفولة ولكن كان الإعلام طريقى ثم اندمجت به ولم أتجه للتمثيل إلا مؤخرًا وإن كنت شاركت فى بعض الأفلام السينمائية ضيف شرف كمذيعة أمام تجربتى التمثيلية فى مسلسل «سمارة» حالة خاصة حينما رشحنى المخرج محمد النقلى لتجسيد دور سيدة أرستقراطية وجاءت ردود فعل المشاهدين إيجابية وسعدت بالتجربة ولكن العروض التى جاءت بعدها لا تناسبنى على الإطلاق ومازلت انتظر العمل والدور المناسب. هل تفكرين فى العودة مرة أخرى للشاشة؟ بصراحة أتمنى العودة للشاشة ولكن من خلال عمل قوى يليق برصيدى وتاريخى الذى أحترمه كما أحترم جمهورى فحاليا تتم إعادة عرض برامجى والسهرات المختلفة التى قدمتها على قناة ماسبيرو زمام وأشعر وكأنها تعرض لأول مرة من ردود فعل المشاهدين وإعادة العرض هو أكبر تقدير، لذلك أتمنى العودة ببرنامج جماهيرى يؤكد التواصل معهم فالشخصية المصرية أثبتت خلال الفترة السابقة مدى وعيها وأبهرت العالم كله. هل تشعرين بالحزن والأسى لما آل إليه ماسبيرو؟ أنا بنت ماسبيرو، وبالتأكيد أشعر بالحزن والأسى عليه لما وصل إليه، خاصة أنه كانت له دائمًا الريادة الإعلامية فى المنطقة العربية، وكانت القنوات المختلفة تتسابق لشراء وبث جميع أعمالنا الدرامية والبرامجية، لتتعلم منا فنون الإعلام، وقد عاصرت عصره الذهبي، وشاهدت انطلاقه وتوسعاته، وإنتاجه المتميز، وحفلاته الغنائية التى كان ينتظرها مطربو الدول العربية لينطلقوا من خلالها إلى عالم النجومية، ورغم ذلك إلا أننى أثق بأن المرحلة المقبلة ستشهد استعادة ماسبيرو لمكانته فأنا أثق بقدرات الكوادر الإعلامية التى تعمل به وعلى دراية بمدى انتمائهم لهذا المبنى العريق، ولكن يجب أن تتضافر جميع الجهات المعنية لعودته مرة أخرى إلى عصره الذهبى، وهذا لن يحدث إلا إذا توافرت الإمكانات المادية من خلال الوكالات الإعلانية جنبا إلى جنب مع إبداع القائمين عليه وتقديمهم الجديد دائما.