تعد ثورة25 يناير في احد أبرز جوانبها ثورة ثقافية بامتياز, ذلك أن جيل الشباب الذي فجر هذه الثورة هو الأكثر تعلما وثقافة واطلاعا علي ما يدور من تطورات في دول العالم المختلفة. خاصة المتقدمة منها.. يشير واقع المكتبات في مصر الي وجود ما يربو علي ألفي مكتبة, تتضمن دار الكتب والوثائق القومية وفروعها, والمكتبات التابعة للمجالس المحلية بعواصم المحافظات ومجالس المدن, ومكتبات المراكز الثقافية( مكتبات قصور وبيوت الثقافة الجماهيرية) ومكتباتها الفرعية. وتنقسم هذه المكتبات الي مكتبات عامة يبلغ عددها نحو1200 مكتبة, ونحو420 مكتبة متخصصة, ونحو255 مكتبة أكاديمية خاصة بالمعاهد والجامعات, إضافة الي المكتبة الوطنية للدولة وهي دار الكتب والوثائق القومية وفروعها في العديد من المحافظات المصرية. وكما يشير المؤتمر ال14 لاخصائيي المكتبات والمعلومات في مصر والذي عقد العام الماضي, فإن عدد المكتبات العامة في مصر لا تتناسب مطلقا مع عدد السكان الذي يبلغ أكثر من80 مليون نسمة, حيث تخدم كل مكتبة عامة أكثر من65 ألف مواطن, علما بأن المعايير الدولية توصي بإنشاء مكتبة عامة لكل ستة آلاف مواطن, وهو ما يعني أن مصر تحتاج الي نحو عشرة آلاف مكتبة إضافية لتسد هذه الفجوة. وأورد تقرير أصدره الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العام الماضي حول نشاط دور الكتب والمكتبات إمكانية إعطاء الخدمة المكتبية وحجم الخدمة المؤداة وعدد المترددين( اطلاع/ استعارة) علي المكتبات العامة والمتخصصة والجامعية والمعاهد داخل الجمهورية, أن عدد المستعيرين والمطالعين بهذه المكتبات خلال عام2008 بلغ11.8 مليون مستعيرا ومطالعا, لكن انخفض هذا العدد الي7.6 مليون في عام2009 بسبب انتشار مرض أنفلونزا الخنازير في هذا الوقت. وأشار التقرير الي أن المتوسط العام لعدد المستعيرين والمطلعين خلال الأعوام الأخيرة بلغ ما بين10 و12 مليون فرد. وتؤكد الأرقام السابقة حقيقة هامة هي تزايد ظاهرة إقبال الشباب والنشء علي المكتبات بوجه عام وتفضيل أكثر من ثلاثة أرباع هاتين الفئتين للقراءة والاطلاع, وهو ما يشجع بدوره علي تطوير المكتبات العامة في مصر باعتبارها المصدر الأهم لتثقيف عموم المصريين, وهي أداة المواطن في الحصول علي الثقافة والمعرفة, إذ لا توجد أية قيود علي المواطن في استخدامها, فلا تمييز بين مواطن وآخر في هذا النوع من المكتبات, مهما كانت نوعية المستفيد, صغيرا أم كبيرا, وأيا كانت ديانته وجهته التابع لها. وعلي الرغم من أن هناك جهودا تبذل إلا أن هذه الجهود لاتزال المكتبات العامة في مصر تحتاج الي العديد من المبادرات الإصلاحية لتعزيز دورها في تثقيف المجتمع, حيث أدي غياب المعايير والمواصفات القياسية التي يمكن أن تسترشد بها المكتبات العامة في مصر ونقص الإمكانات المادية وضعف الميزانيات والمخصصات المالية للمكتبات إلي محدودية الخدمات التي تقدمها المكتبات العامة, واقتصارها علي الاطلاع الداخلي والإعارة الخارجية مع بعض الأنشطة الثقافية, وقلة عدد أمناء المكتبات المؤهلين والقادرين علي إدارة العمل بفاعلية في المكتبات, وعدم وجود تنوع في مصادر المعلومات المتاحة في المكتبات واقتصار معظمها علي عدد محدود من الكتب. ويري الدكتور خالد حسين إبراهيم أستاذ المكتبات والمعلومات بجامعة حلوان أنه لابد من اعتبار المكتبات العامة كنظام فرعي واحد ضمن النظام القومي للمكتبات والمعلومات في مصر, بحيث تتوحد مركزية الإشراف مع خطوط للعلاقات والتنسيق, ولأن الوزارة هي التي تقدم القسط الأكبر من الخدمات المكتبية العامة في مصر, فيمكن أن تستظل المكتبات العامة بمظلتها من خلال إنشاء المجلس الأعلي للمكتبات العامة الذي يرعي الحركة المكتبية العامة لمصر كلها.