لقد أوصي الله تعالي بالوالدين وأوجب طاعتهم علي الأبناء لما لهم من مكانة عظيمة, فقال تعالي( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا) فقرن الله تعالي عدم الإشراك به وعبادته وحده بالإحسان إلي الوالدين, يا لها من مكانة ومنزلة كبيرة, ولما جاء عبد الله بن مسعود للنبي صلي الله عليه وسلم وسأله( أي العمل أحب إلي الله تعالي, قال النبي: الصلاة علي وقتها, قلت ثم أي, قال بر الوالدين, قلت ثم أي, قال الجهاد في سبيل الله). لقد قدم الله بر الوالدين علي الجهاد وقرنه بأعظم شيئين, الصلاة والجهاد في سبيل الله, فنصل من ذلك إلي أن طاعة الوالدين تأتي مباشرة بعد طاعة الله تعالي ورسوله, وقد حذر النبي من كان لديه أبوان ولم يدخل الجنة فقال صلي الله عليه وسلم( رغم أنف ثم رغم أنف ثم رغم أنف, من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة) لذا الإحسان إلي الوالدين سبب السعادة, وسبب الفلاح في الحياة الدنيا والآخرة, وقد أخبرنا سبحانه وتعالي فقال( وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا) ولكن لماذا ذكر الله تعالي حالة الكبر بالذات للأبوين؟ لأن الوالدين إذا بلغا الكبر ضعفت نفوسهما وأصبحا عالة علي الأبناء, فمن الممكن ألا يتحمل الأبناء وقد يصدر منهم ضجر, فإن حدث ذلك فلا تقولوا حتي كلمة عقوق من حرفين( أف). أيها الأبناء هل هذا جزاء الآباء, هل يجوز معاملة الآباء بتلك القسوة, هل جزاء الإحسان إلا الإحسان اعلم أن امرأه واحدة تستطيع العناية بعشرة أبناء, ولكن عشرة أبناء لا يستطيعون العناية بأم واحدة, إن العقوق من كبائر الذنوب, بل هو الكبيرة الرابعة في الإسلام, وقد علمنا النبي صلي الله عليه وسلم فقال( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا قلنا بلي يا رسول الله, قال الإشراك بالله, وحقوق الوالدين, وكان متكئا فجلس ثم قال: ألا وقول الزور, ألا وشهادة الزور, فما زال يكررها حتي قلنا ليته سكت). وهل يرث الأبناء عقوقهم لآبائهم؟ نعم كما تدين تدان, فكل شيء عقوبته مؤجلة للآخرةإلا عقوق الوالدين يعجل لصاحبه العذاب في الدنيا والآخرة.