جزء من تراث الوطن يرقي به ويسمو ويؤصل عراقته ومدي تأثيره علي مدي التاريخ إنها الحرف اليدوية, والصناعات التقليدية, وتحتل مساحة واسعة في قلوب المصريين ووجدانهم لإخلاص الصانع و مهاراته الفردية واعتماده علي جديته في نقل خبرة الأجداد عبر عصور وسنوات طويلة.. الأهرام المسائي طرق أبواب أصحاب الأنامل الذهبية الذين أكدوا أن هذه الحرف تواجه هجوم الحداثة وطغيان التمدن علي صناعاتهم الأصيلة ويطالبون بمشاركة الحكومة في توثيق والتسويق لمنتجاتهم والوقوف بجانبهم, وكانت السطور التالية.. تواجه الحرف اليدوية بالفيوم, أزمة مستعصية بالرغم من أنها حرف كثيرة توارثتها الأجيال علي مدي عقود طويلة مضت, حتي أصبح النساء والرجال ليس لهم مهنة سوي الصناعات التي تغطي السوق المحلية, وعبرت الحدود لتصل إلي العالمية, ولكن منها من ظل يعاني حتي التراجع وشبه الاندثار, وأصبحت قرية يحمل اسمها الفخار- بدون فخار بعد أن كان ما يزيد علي100 أسرة يعملون بها أصبحوا5 أسر فقط الآن. وتتعرض حرف صناعة الفخار بقرية النزلة, وصناعة الخوص بقرية الأعلام, بالفيوم إلي العديد من الأزمات بدأت في2011 واستمرت حتي الآن, حتي باتت الصناعات مهددة بالانقراض والتلاشي. ووسط واد من الخضرة والمناظر الطبيعة, تحتضنها قرية النزلة أو قرية الفخار, مثلما أطلقت عليها هيئة تنشيط السياحة بالمحافظة الاسم نظرا لأن أهلها لم يعرفوا مهنة منذ القدماء المصريين سوي الخزف, حتي تحولت القرية لمزار سياحي, ومنطقة جذابة لتصوير الأفلام السينمائية, فقد تم تصوير العديد من الأفلام والمسلسلات في تلك البقعة الساحرة من أرض الفيوم مثل فيلم دعاء الكروان, للفنانة فاتن حمامة, والبوسطجي, لشكري سرحان, ومسلسل الكابتن جودة للفنان سمير غانم. واحترف معظم قاطني القرية مهنة صناعة الفخار, فما يقرب من100 أسرة كانت تحترف تلك المهنة قبل10 سنوات ماضية لكثرة الطلب عليها وتصديرها إلي دول أوروبية كإيطاليا وهولندا, في الوقت الراهن لا يتعدي عدد الأسر أصابع اليد الواحدة, فقط5 أسر هي من حاربت وقاومت كي لا تنهار تلك الصناعة في قرية من أشهر القري التي تمتلك تلك الموهبة. تسويق المنتجات بداية قال رجب محمد,(50 سنة) من صناع الفخار بالقرية إنه قبل عام2011 كانت القرية تصدر الأواني الفخارية إلي إيطاليا وهولندا بمعدل20 ألف قطعة سنويا لكثرة الطلب عليها ولعدم اختلاف صناعتها منذ عهد الفراعنة وحتي الآن, وأضاف أن عدد الأسر التي تتقن مهنة الأجداد حاليا أصبح5 أسر فقط بسبب ظهور صناعة البلاستيك والألومونيوم الذي جعل معظم الأهالي يستخدمونه ويفضلونه عن الأواني الفخارية.وأضاف أن الحال تدهور عقب ثورة يناير بشكل كبير خاصة مع تراجع السياحة وارتفاع الأسعار رويدا رويدا, فأصبحنا لا نكسب مليما واحدا من صناعتنا بسبب الطرق البدائية التي نعمل بها. وقال حسن محمود, رفضت التخلي عن مهنة أجدادي التي ورثتها منذ عشرات السنين, وذلك رغم الأزمات المتلاحقة التي نتعرض لها, فبعد أن كانت تلك المهنة هي مصدر الدخل الرئيسي لأهالي القرية وتحولت إلي مصدر للدخل القومي, والآن بدأت الصناعة في طريقها للاختفاء, وأتمني من المسئولين أن يساعدونا في تطويرها لكي تواكب العصر ونحدثها فما تحتاجه مبالغ قليلة كي يعود إلينا السياح مرة أخري وترجع القرية كما كانت مزارا لكافة سياح العالم فهي مدرجة في المحافظة علي أنها قرية سياحية. ويؤكد سعد علي صانع فخار, أن أحد أسباب تراجع الصناعة عدم وجود جهات مصرية تقوم بتسويق منتجاتها للخارج, فالقرية اشتهرت بهذه الصناعة وكانت مزارا سياحيا للعديد من الدول العربية والأوربية, وكان السياح يقبلون علي شراء منتجاتنا لما لها من إبهار يذكرهم بالعصر الفرعوني.وقال: إن المحافظ قام بالتعاون مع إحدي المؤسسات الخيرية, لتوفير أفران جديدة لعدد من أسر قرية النزلة كي يتمكنوا من تطوير مهنتهم ولكي تكون بضاعتهم مواكبة للعصر الحديث, ولكن ننتظر دعم الحكومة في تسويق تلك المنتجات. ميدان السواقي وفي قرية الإعلام, أكد عبد الحميد رزق,بائع الخوص, أن القرية عرفت صناعة الخوص ومنتجات النخيل في بدايات القرن الماضي قبل ثورة1919, عندما جاء مجموعة من المواطنين من محافظة أسوان لزيارة ذويهم وبصحبتهم بعض المشغولات المصنوعة من سعف النخيل, ومنذ ذلك التاريخ عرفت القرية هذه الصناعة وأصبحت مركزا لها بعد هذه الفترة, واحترف معظم قاطنيها المهنة وكانوا يحققون أرباحا كبيرة منها, ولكن مع التطور وظهور منتجات أخري بديلة أصبح العاملون في هذه الصناعة يعانون الآمرين في سبيل بيع منتجاتهم التي كان يتهافت عليها السائحون والمواطنون في باقي المحافظات. وأضاف أنه مع توقف حركة السياحة عقب ثورة25 يناير بالإضافة إلي توقف المعارض ببعض المحافظات السياحية جعل الطلب علي المنتجات ضعيفا للغاية. وأوضح صلاح أحمد, أن عدد العاملين وصل في تلك الصناعة بالقرية لنحو300 أسرة, بعض هذه الأسر يقومون بافتراش بضاعتهم أمام ميدان سواقي الهدير داخل مدينة الفيوم, باعتبار هذه المنطقة تجمع أبناء المحافظة والمحافظات الأخري والسائحين الذين يزورون المحافظة, وكان يتجمع عليهم العديد من المواطنين والسائحين لشراء منتجاتهم. وأشار رضا سيد, إلي أنه ورث تصنيع منتجات النخيل عن آبائه وأجداده, منوها أنه يقوم بتصنيع المنتجات وبيعها في ميدان السواقي السياحي بوسط مدينة الفيوم,. ولكن بعد تراجع النشاط السياحي والركود يعاني أصحاب تلك المهنة من خسائر وأصبحت تلك الصناعة مهددة بالانهيار. حلول واقعية من جانبه أكد الدكتور وحيد عمران مدير مشروع توثيق وتسويق الحرف التراثية في مصر الوسطي أن كلية السياحة والفنادق بجامعة الفيوم تنفذ مشروع التوثيق, الممول من صندوق العلوم والتكنولوجيا والمعهد الثقافي البريطاني طبقا لبرنامج التعاون المشترك نيوتن- مشرفة,وذلك بمحافظات إقليم مصر الوسطي الخمس وهي: الفيوم, وبني سويف, والمنيا, وأسيوط, وسوهاج.وقال عمران أن فريق عمل المشروع قام بعمل المسح الإقليمي لمنطقة شمال الصعيد لمشروع توثيق وتسويق الحرف التراثية في مصر الوسطي. مؤكدا ضرورة البحث عن الأسباب والعوامل التي أدت إلي اندثار الحرف التراثية في إقليم مصر الوسطي, والتي علينا إيجاد حلول واقعية لها من خلال دراسة والتخطيط والتنسيق علي أرض الواقع طبقا لمتطلبات العصر, فضلا عن توفير البيئة المناسبة والملائمة لإحياء هذه الحرف مرة أخري والتي تساهم بشكل كبير في دفع عجلة التنمية الاقتصادية بمصر.وأكد عمران أنه من ضمن أهداف المشروع تقديم العون والمساعدات لأصحاب الحرف التراثية واليدوية عن طريق المواد الخام, المعدات والأدوات الجديدة, واستحداث وتطوير الأدوات المستخدمة, والبحث عن سبل جديدة للتسويق والتوزيع, وتجهيز الأماكن الملائمة للممارسة بشكل أفضل.