زيادة الإنتاج واستغلال الطاقات وتوفير الموارد في مقابل تعطيل المصالح وزيادة معدل الكسل الإداري وعدم تحقيق الناتج المطلوب.. كفتان تتواجهان في ميزان العمل الإداري في انتظار أن تتغلب واحدة علي الأخري منذ طرح مقترح تقليل أيام العمل في بعض الجهات الإدارية والإعلان عن دراسة جهاز التنظيم والإدارة للفكرة بصورة جدية للوصول إلي نتائج خلال الشهر الجاري. أيام عمل و3 أيام إجازة, قد يري فيها البعض تحقيقا لمبدأ أهم يرجح كفة عدد الساعات التي يعمل فيها الموظف فعليا وليس عدد ساعات تواجده داخل المؤسسة والتي قد يقضيها دون عمل, فيما يؤيد فريق آخر الكفة الأخري التي تؤكد أن زيادة عدد أيام الإجازة الأسبوعية سيتسبب في إصابة الجهاز الإداري للدولة بالخمول. ولأن لكل قرار إيجابياته وسلبياته التي ينبغي الوقوف عليها ودراستها جيدا قبل التطبيق علي أرض الواقع تطرح الأهرام المسائي مقترح دراسة اعتماد أربعة أيام للعمل وجدوي تطبيقه حتي لو لم يكن هناك أي مساس بالأجور والمستحقات ونرصد آراء خبراء التنمية الإدارية حوله وعن الضمانات المطلوب توافرها حال تنفيذه لضمان نجاح التجربة. ويري الدكتور سعد الدين خليل, خبير التنمية الإدارية, أن إجراء مثل هذا التغيير يستوجب تطبيقه أولا كنموذج علي بعض الأماكن لقياس نتائج وآثار هذا التغيير ومدي تأثيره علي سير العمل ثم إعلان تلك النتائج ومناقشتها قبل تعميم التجربة, مشيرا إلي عدم إمكان تكوين رأي واضح بشأن هذا القرار لدي أي شخص أو جهة لأنه لم ينفذ بعد للحكم عليه علي أرض الواقع. ويوضح أن استمرار الوضع علي ما هو عليه أفضل كثيرا من تطبيق تجربة قبل دراستها جيدا لأن الجهاز الإداري لن يحتمل تبعات مثل هذه التجارب. وأشار إلي إحدي النتائج التي تستوجب الدراسة قبل تطبيق القرار, خاصة أنه يتعلق بالبعد الاجتماعي للأسرة, متسائلا عما تفعله زوجة عاملة مضطرة لترك أولادها عدد ساعات العمل التي ستزداد في اليوم الواحد وقد تصل إلي الخامسة, كما تساءل عن قدرة الموظف علي العمل بتركيز طوال ساعات العمل المطلوبة خلال أيام العمل الأربعة. وقال الدكتور وليد جاب الله, أستاذ التنمية وخبير التشريعات الاقتصادية والمالية: إن البعض لم يفهم جيدا مقترح الدراسة المقدمة واختلط عليهم الأمر بخصوص تقليل أيام العمل لأن حقيقة الأمر أن ساعات العمل التي نص عليها قانون الخدمة المدنية لن يتم المساس بها ولكن سيكون هناك نظام الورديات أو التناوب في العمل بحيث يكون عدد ساعات يوم العمل أطول مع تطبيق يوم إجازة إضافي ليصبح علي الموظف الالتزام بساعات العمل المقررة له أسبوعيا ولكن في عدد أيام أقل. ويرصد مزايا هذا النظام في عدة نقاط أبرزها زيادة ساعات الاستمرار في العمل الرسمي وتوفير نفقات المواصلات ولكن لم يغفل بعض العيوب التي ستواجه تنفيذ هذا النظام ومنها عدم وجود بيئة عمل تسمح للموظف بقضاء وقت أطول في العمل, مشيرا علي سبيل المثال إلي نظام الراحة الذي يتم تطبيقه في العديد من الدول حيث يحصل الموظف علي قسط فعلي من الراحة وهو يعلم جيدا أن ما قبل هذه الفترة وبعدها مخصصة للعمل. ويتابع: إن هذا الأمر يضر بصحة الموظف لعدم قدرته علي العمل لفترات طويلة دون فترة راحة في مكان مناسب يتناول فيه وجبة صحية, وكذلك ارتباط الموظفين خصوصا السيدات بالتزامات أخري, منها خروج الأطفال من المدارس في أوقات محددة خاصة أن نسبة السيدات العاملات في الجهاز الإداري للدولة كبيرة ومؤثرة. وأشار إلي ثقافة باتت راسخة لدي شريحة كبيرة من المجتمع المصري تتعلق بالساعة الثانية ظهرا وقت الانصراف الحكومي مما يتسبب في عدم تقبلهم لزيادة ساعات العمل في اليوم عن الوقت المعتاد, أو بالأحري عدم تقديم العمل المطلوب والمرجو خلال هذا الوقت الإضافي لأنه سيجد نفسه غير مؤهل صحيا أو نفسيا للتواجد في مكان العمل وقتا أطول. ويري أنه بالنظر لواقع الجهاز الإداري بالدولة ستظهر الفكرة وإن كانت صالحة ولكنها صعبة التنفيذ علي كل الجهات لذلك يري أن مثل هذا المقترح سيكون مجديا لدي الجهات التي يرتبط فيها الموظف بتقديم حجم إنتاج معين للحصول علي حافز لأنه عمل مرتبط بتحقيق إنجاز وهناك كشف حصيلة يوضح حجم إنتاج كل فرد شهريا لأن العبرة ستكون بالإنتاج أو ما يعرف بالتارجت وليس دوام العمل. ويضيف: لكنها قد لا تصلح إطلاقا للتطبيق في الجهات التي لا يرتبط فيها الموظف بإنتاج بل تعتمد فقط علي تواجد الموظف داخل مقر عمله حيث يتقاضي راتبه بناء علي هذا التواجد اليومي, لذلك فهو مقترح صعب التنفيذ في مثل هذه الجهات لأن الموظف سيتوقف عن العمل فعليا بمجرد شعوره بالإرهاق وتدريجيا سيكون الاستمرار لفترات عمل أطول مجرد استمرار شكلي دون إنتاج فعلي خاصة مع عدم وجود حافز يرتبط بحجم ما يقدمه من إنتاج. لذلك ينصح جاب الله بتأجيل تنفيذ الفكرة لحين دراسة وبحث إمكانية التطبيق الصحيح وإعادة هيكلة وميكنة الجهاز الإداري بصورة تجعله يتناسب مع تطبيق مثل هذه الأفكار خاصة أن هناك مقترحات أخري لتنفيذ الفكرة تم الإعلان عنها كبدائل ولكن تعترضها بعض الصعوبات.