في يوم عظيم سيقف الإنسان ليقرأ صحيفة أعماله, ثم يقف أمام الميزان لكي توزن أعماله, فإذا به يفاجأ بأن حسناته قد تساوت مع سيئاته وهو واقف أمام الميزان ينظر بذهول, ماذا يفعل الآن ؟ لقد أصبح في حاجة ماسة إلي حسنة واحدة تدخله الجنة بعد رحمة المولي تبارك وتعالي. وتبدأ رحلة البحث عمن يعطيك أيها الإنسان تلك الحسنة التي لطالما فرطت فيها مرارا وتكرارا في تلك الدنيا الفانية, ولم تحسب حسابك لتلك اللحظات المريرة التي وقفت تتحسر فيها علي حسنات كثيرة فقدتها ولم تلق لها بالا, وتبدأ رحلة البحث عمن يعطيك أيها الإنسان تلك الحسنة فتبحث عن الأب العطوف الذي كان يلبي كل حاجاتك, ولنفترض جدلا أنك ستجده! فبعد كم سنة ستعثر عليه وسط مليارات البشر في يوم مقداره خمسون ألف سنة, تدنو فيه الشمس من الرءوس ويطفأ نورها ويضاعف حرها ؟ هل ثلاثون عاما أم أربعون ؟ وبعد عناء طويل من البحث وعندما تجده تشعر أن كربتك قد زالت, وتقول له أعطني حسنة واحدة أدخل بها الجنة بعد رحمة المولي تبارك وتعالي, فإذا به يفاجئك ويقول نفسي نفسي فأنا لا أعرف ما هو مصيري بعد, عندها سيسقط في يدك وتشعر أن الأرض تميد من تحت قدميك, فتبدأ رحلة البحث من جديد عن أمك الحنون الرءوم التي كانت تتمني حياتك علي حياتها بل كانت تحرم نفسها لتعطيك, وإذا بصدمة أخري فتقول لك نفسي نفسي, عندها تتضرع إلي الله تعالي أن ينقذك من هذا الكرب, وفجأة تجد بصيص امل يأتي من بعيد عندما تري زوجتك التي أعطيتها كل ما تتمني فتقول لك نفسي نفسي, وهكذا أبناؤك الذين أعطيتهم كل شيء وتخليت عن الكثير من القيم والمبادئ من أجل إسعادهم. الكل يتبرأ منك, الكل يتخلي عنك, الكل يقول نفسي نفسي, ويصف لنا المولي عز وجل هذا الموقف فيقول( يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه). ولنفترض جدلا أنك ستحصل علي تلك الحسنة عند أحدهم لأنه ليس معه غيرها وهو علي أتم الاستعداد أن يعطيها لك مقابل أن تعطيه ملء الأرض ذهبا, فتستأذن ربك فيأذن لك بملء الأرض ذهبا, ثم يتعجب منك ذلك الشخص ويقول أتدفع في حسنة واحدة ملء الأرض ذهبا سبحان الله! وقد فرطت في ملايين الحسنات في حياتك الدنيا.