مابين الرابع عشر من يونيو إلي الخامس عشر من يوليو, عاش عشاق الكرة في كل مكان شهرا مثمرا مع الكرة الجميلة والإثارة بلا حدود والمتعة والغزارة التهديفية والمفاجآت علي هامش النسخة الحادية والعشرين من عمر بطولة كأس العالم التي أسدل الستار عنها في روسيا. وانتهي المونديال الروسي تاركا خلفه العديد من الظواهر التي أذهلت العالم بأسره, وصنعت الإثارة والمفاجآت وأحدثت ثورة جديدة في عالم كرة القدم منها الإيجابي ومنها السلبي ولكنها في النهاية تمثل بطولة التحول إلي الكرة الجماعية بشكل لافت وانهاء سطوة فرق النجم الواحد. ومع إسدال الستار علي نهائيات كأس العالم رسميا بتتويج منتخب فرنسا علي حساب كرواتيا وفوزه4-2 في نهائي مثير نرصد في السطور التالية حصاد كأس العالم في نسخته الحادية والعشرين من الألف إلي الياء. 1 - البطولة الأجمل بالأرقام باتت النسخة الحادية والعشرين من بطولة كأس العالم هي الأفضل علي الإطلاق فنيا من بين20 بطولة سابقة, بفضل ما شهدته من إثارة ومفاجآت ونتائج مثيرة وأرقام مذهلة, منها ما يعد رقما قياسيا. فالمونديال شهد تسجيل6 أهداف في المباراة النهائية بعدما فازت فرنسا علي كرواتيا4-2 في لقاء مثير, وهو عدد من الأهداف يفوق نهائيات المونديال في آخر52 عاما ويعادل فوز إنجلترا علي ألمانيا في1966 وكتبت البطولة رقما قياسيا تاريخيا يتمثل في تسجيل19 هدفا بعد الدقيقة90 مما دفع الخبراء لوصفه بمونديال الثواني الأخيرة والوقت القاتل, كما كتب انتهاء الاخطاء التحكيمية بنسبة فاقت90% بسبب تطبيق قانون الفار وشهد إحتساب29 ركلة جزاء في52 مباراة, وهو رقم قياسي جديد. 2 - فرنسا رقم1 في كل شيء الأرقام أيضا تنصف أفضل منتخبات البطولة وتعبر عن واقعية في منصات التتويج التي أسفرت عنها البطولة. ويتصدر المنتخب الفرنسي قائمة أفضل منتخبات البطولة بالأرقام, حيث حقق لقب بطل العالم للمرة الثانية علي التوالي عبر6 انتصارات وتعادل وحيد سجل فيها لاعبوه14 هدفا وقدموا كرة جماعية رائعة لم تعتمد علي نجم واحد بل تشكيلة جماعية للفريق, وكذلك كان لهم التفوق علي منتخبات كبري في سيناريو التتويج أبرزها الأرجنتين التي تضم ليونيل ميسي أفضل لاعبي العالم ثم بلجيكا المرشح الأوروبي الأول للمونديال وأخيرا كرواتيا الحصان الأسود للبطولة الذي صعد للنهائي لأول مرة. ويليه منتخب بلجيكا صاحب المركز الثالث والميدالية البرونزية الذي حقق نفس عدد الانتصارات وهو6 انتصارات ولكنه خسر مباراة واحدة جمعته مع فرنسا البطلة في الدور قبل النهائي بهدف دون رد, وسجلت بلجيكا في البطولة16 هدفا وشاركت فرنسا في تقديم أفضل أداء تهديفي بالبطولة. وينضم لهذه المجموعة المنتخب الكرواتي وصيف بطل العالم الذي حقق طيلة مشواره في البطولة4 انتصارات وتعادلين وخسر مرة واحدة في المباراة النهائية, وهو معدل جيد بالنسبة لفريق لم يكن مرشحا للتأهل كما قدمت مستوي تهديفيا رائعا أسفر عن إحراز14 هدفا في7 مباريات. 3 - نهاية زمن النجم الواحد سقوط منتخبات النجم الأوحد.. ظاهرة فرضت نفسها بقوة علي المونديال التي انتصرت خلاله الكرة الجماعية والتكتيك وليس لمنتخبات راهنت فقط علي النجم الأوحد لديها في تحقيق الإنجاز. وتحت عنوان سقوط منتخبات النجم الأوحد, فشلت البرازيل في التواجد ضمن المربع الذهبي في ظل اعتماد المدرب تيتي علي نيمار داسيلفا صانع الألعاب اللاعب الأغلي في التاريخ ب222 مليون يورو بمجرد مراقبته جيدا من جانب الدفاع البلجيكي, وودع البطولة من دور الثمانية, ونفس السيناريو بالنسبة إلي الأرجنتين التي ودعت البطولة من دور الستة عشر عقب خسارة تاريخية أمام فرنسا في ظل الرهان علي لاعب واحد هو ليونيل ميسي هبط مستواه بشكل لافت مثل نيمار داسيلفا ولم يسجل سوي هدف واحد في البطولة وأهدر ركلة جزاء في أسوأ مشاركة له عبر تاريخه الدولي, ونفس الأمر بالنسبة إلي البرتغال منتخب كريستيانو رونالدو الذي ودع البطولة من دور الستة عشر عقب خسارة من أوروجواي1-2, وكان كلمة السر في الانتصار هو مراقبة كريستيانو رونالدو من جانب أوسكار تاباريز المدير الفني وهي ثلاث منتخبات كانت مرشحة بقوة للوصول إلي المباراة النهائية علي الأقل للبطولة. 4 - زالاتكو وساوثجيت ومارتينيز.. الثلاثي الذهبي وكتب كأس العالم في ظاهرة أخري مولد عدد من المدربين الجدد والكبار في الوقت نفسه ممن قدموا تابلوهات فنية وتكتيكية رائعة, ويتصدر القائمة زالاتكو المدير الفني لمنتخب كرواتيا الذي أصبح أفضل مدرب في البطولة بعد أن قاد الفريق إلي المباراة النهائية وأدي البطولة بطرق مختلفة منها4-3-3 و4-3-2-1 و4-2-3-1 وكان مميزا في ادارة مبارياته خاصة في المواجهات الكبري أمام منتخبات مثل الأرجنتينوانجلترا وأحسن التبديل بين لاعبيه في المباريات. وبرز في الصورة أيضا مدرب آخر سطر اسمه بأحرف من الذهب هو جاريث ساوثجيت المدير الفني للمنتخب الإنجليزي الواعد الذي لم يكن يحمل مثل زالاتكو تاريخا قبل ان يكتبه في كأس العالم ويعيد إنجلترا إلي المربع الذهبي ويحسب له اشراكه لاعبين تتراوح اعمارهم بين22 إلي27 عاما, وكانت له كرة قدم هجومية رائعة. ويظهر بقوة في الصورة روبرتو مارتينيز المدير الفني للمنتخب البلجيكي والإسباني المغمور والذي أعاد الذاكرة إلي تيلي سانتانا المدير الفني الشهير للبرازيل في مطلع الثمانينيات, وقدم مارتينيز أجمل كرة في البطولة وسجل رقما قياسيا من الأهداف وصل إلي16 هدفا, 5 - لوف وسانتوس وسامباولي.. السقوط الكبير ومن ظواهر المونديال, سقوط المدربين أصحاب الأسماء الكبيرة في عالم كرة القدم ممن كانت بلادهم تراهن عليهم في حصد المونديال أو التواجد في دائرة المربع الذهبي علي أدني تقدير, ويتصدر المشهد هنا المدرب الأغلي في البطولة وهو يواكيم لوف المدير الفني لمنتخب ألمانيا حامل لقب2014 والذي كتب تاريخا هو الأسود لألمانيا تمثل في الخسارة مرتين في الدور الأول ووداع البطولة مبكرا لأول مرة منذ80 عاما, وتعرض يواكيم لوف لاتهامات بالإخفاق في السيطرة علي اللاعبين الكبار وسقط بقوة أيضا مدرب آخر كبير وهو فيرناندو سانتوس المدير الفني لمنتخب البرتغال بطلة أوروبا2016, والذي ودع البطولة في دور الستة عشر أمام أوروجواي, وفشل سانتوس في استغلال قدرات المواهب الجديدة في البرتغال مثل بيرناردو سيلفا وأندريه سيلفا, واكتفي بالرهان فقط علي كريستيانو رونالدو الذي تقدم به العمر, وبمجرد مراقبته جيدا من أوروجواي, فشل سانتوس وسقطت البرتغال من دور الستة عشر. 6 - إقالات بالجملة.. وكوبر وهييرو ونوالكا الأبرز وكتبت البطولة في ظاهرة أخري وهي انتهاء مسيرة العديد من المديرين الفنيين ممن تم اقالتهم أو قدموا استقالاتهم من مناصبهم الإخفاق الكبير الذي عاشوه مع فرقهم خارج دائرة التوقعات من جانب الإعلام والجماهير ويتصدر الراحلين هيكتور كوبر المدير الفني للمنتخب المصري الذي كان أول مدرب يترك منصبه رسميا بعد الخسارة في3 مباريات في الدور الأول والإخفاق في بلوغ دور الستة عشر, ليتم توجيه الشكر له بعد أكثر من3 سنوات له في منصبه, ولحق به سريعا أدم نوالكا المدير الفني التاريخي لمنتخب بولندا الذي ترك منصبه وتم اجباره علي تقديم استقالته من منصبه في أعقاب المستوي الهزيل الذي ظهر عليه فريقه وودع منافسات الدور الأول ضمن المجموعة الثامنة, كما ترك منصبه أيضا ردا علي سوء النتائج هرنان جوميز المدير الفني لمنتخب بنما. 7 - العرب في المونديال..7 نقاط وحضور ضعيف بالنظر إلي حصاد المنتخبات العربية في بطولة كأس العالم, نجد أنها كتبت الحصول علي7 نقاط فقط عبر4 منتخبات في أكبر تمثيل للوطن العربي خلال تاريخ بطولات كأس العالم ويعبر عن الحاجة إلي تطوير شامل في الكرة العربية لتكون قادرة علي المنافسة بقوة في البطولة. وحققت المنتخبات الأربع نقاطها السبع عبر فوز السعودية علي مصر2-1 وفوز تونس علي بنما2-1 وتعادل المغرب مع إسبانيا2-2, فيما تلقت المنتخبات العربية في البطولة9 هزائم وهو رقم كبير, وودعت كلها المنافسات من الدور الأول سواء مصر والسعودية في المجموعة الأولي أو المغرب في المجموعة الثانية أو تونس في المجموعة السابعة. وكان الأداء الأفضل نوعا ما للمنتخبات العربية من نصيب المنتخب المغربي الذي خسر من البرتغال وإيران بنتيجة واحدة صفر-1 وتعادل مع إسبانيا2-2 وعاني من سوء توفيق كبير في مبارياته الثلاث. 8 - أمريكا الجنوبية في النازل.. البرازيل باي باي ومن الظواهر الجماعية أيضا فيما يخص المنتخبات انهيار دول أمريكا الجنوبية التي حققت أسوأ مشاركة لها في تاريخها علي الإطلاق. وخاضت أمريكا الجنوبية التي حازت علي الكأس المونديالية9 مرات من بين21 نسخة, البطولة ب4 فرق هي البرازيلوالأرجنتينوكولومبيا وأوروجواي, والتي كانت مرشحة فوق العادة للمنافسة علي اللقب. ومن يتابع مسيرة المنتخبات الأربعة يجد انهيارا كبيرا تعيشه أمريكا الجنوبية, فالأرجنتين ودعت البطولة في دور الستة عشر وبرفقتها كولومبيا, ثم لحقت بها البرازيل وأوروجواي بعد الخسارة أمام بلجيكاوفرنسا علي الترتيب في دور الثمانية, لتفقد أمريكا الجنوبية وجودها القوي في المربع الذهبي, وكانت حاضرة في المونديال الماضي بفريقين بين الأربعة الأوائل هما الأرجنتين الوصيف والبرازيل الرابع, وكتبت البطولة تراجعا لافتا للمنتخبات اللاتينية في المستوي, وتعتبر الأرجنتين بمفردها ظاهرة تستحق الوقوف عندها بعدما شهدت البطولة اهتزازا مدويا لها حيث حققت فوزا وحيدا في4 مباريات وكان دفاعها الأسوأ في البطولة بين فرق الكبار, واهتزت شباكه9 أهداف في4 مباريات. 9 - بالأسماء.. حراس المرمي نصف الفريق وتبرز ظاهرة أخري تمثل نصف الفريق كما يطلقون علي مركز حراسة المرمي, تحت عنوان مولد نجوم جدد في إشارة الي العدد الكبير من حراس المرمي الذين برزوا في البطولة وفرضوا أنفسهم نجوما علي حساب أسماء كبري مثل دي خيا حارس إسبانيا ومانويل نوير حارس ألمانيا وباكير حارس البرازيل وأرماني حارس الأرجنتين ونافاس حارس كوستاريكا الذين تراجع أداؤهم وتسببوا في خسارة منتخباتهم. ويتصدر مولد النجوم الجدد في حراسة المرمي إسم سوباسيتش حارس مرمي المنتخب الكرواتي ورجل ركلات الجزاء الذي فرض نفسه نجما وبطلا في كرواتيا بسبب تألقه أمام انجلترا والدنمارك وروسيا. وبرز بشدة من بين الحراس الجدد تيم بيكفورد حارس مرمي المنتخب الإنجليزي والذي خاض أول مونديال له وفرض نفسه نجما علي الفريق بتصديات رائعة وساهم في وصول فريقه للمربع الذهبي, وبرز المخضرم إيجور إكينفيف حارس مرمي وقائد المنتخب الروسي وصعد بفريقه إلي دور الثمانية ويبرز أيضا كاسبر شمايكل حارس مرمي الدنمارك الذي صعد بفريقه إلي دور الستة عشر ونال لقب رجل المباراة. 10 - هاري كين.. هداف البطولة ولينكر جديد بعد غياب دام32 عاما, عاد الإنجليز للحصول علي لقب هداف كأس العالم عبر هاري كين مهاجم توتنهام هوتسبير وقائد المنتخب الإنجليزي وتوج كين25 عاما بالجائزة الكبري بعد تسجيله ل6 أهداف في7 مباريات خاضها الأسود في البطولة, بدأها بالتسجيل مرتين في مرمي تونس ثم ثلاثية في مرمي بنما ثم هدف في الأدوار الإقصائية. وانفرد هاري كين بصدارة لائحة الهدافين المونديالية متفوقا علي الكثير من المهاجمين الكبار يتقدمهم روميلو لوكاكو نجم المنتخب البلجيكي. وكان آخر نجم إنجليزي توج باللقب الكبير جاري لينكر في نسخة المكسيك1986 برصيد6 أهداف أيضا ولكن في5 مباريات. ولمع هاري كين في عالم الكرة خلال آخر4 سنوات برفقة السبيرز, وكان موسم2014-2015 هو بداية انطلاقته في عالم الكرة, وسجل21 هدفا في34 مباراة ونال لقب افضل لاعب إنجليزي شاب, ثم سجل25 هدفا في الموسم التالي ثم29 هدفا في الموسم الذي يليه, وسجل30 هدفا في الموسم الأخير2017-2018 برفقة السبيرز ونال لقب هداف البريمير ليج مرتين متتاليتين في آخر4 سنوات, وهو أمل الكرة الإنجليزية في السنوات العشر المقبلة ويبلغ هاري كين من العمر حاليا25 عاما, ووصل سعره بعد تألقه في المونديال إلي150 مليون يورو.