ظل الإخوان سنوات طوال شارفت علي القرن يواجهون الصعاب للوصول إلي حلمهم الأكبر بالوصول إلي السلطة الذي تحقق فجأة بعد ثورة25 يناير, وانتقلوا من السجون إلي القصور, ولكنهم عادوا مرة أخري إلي السجون وسط ذهول كبير لأكثر المراقبين وذهول وصدمة أكبر لأبنائهم وأتباعهم الذين استيقظوا من حلم السلطة الجميل علي كابوس العزل والسجون. ولعلي في هذا المقال السريع أذكر أهم الأخطاء التي كانت سببا في زوال سلطتهم سريعا:- 1 عدم القدرة علي الانتقال السريع من فقه الدعوة إلي فقه الدولة, ومن مرحلة الجماعة إلي مقتضيات الدولة. 2 عدم فهم أن الجماعة لن تستطيع أن تبتلع دولة كما أن الفرد لا يستطيع ابتلاع جماعة, ولو وقع ذلك سيحدث انسدادا معويا ووفاة للجماعة, وهذا ما حدث. 3 إصرار بعض قادة الجماعة علي الإخلال بالوعد الذي قطعته بعدم الترشح للرئاسة وتجاوز نسبة الثلث المعطل للبرلمان في غمرة الحماس والمليونيات, والاعتماد علي نظرية بائسة تقول أن أمريكا والغرب سيقفان معهم, والحقيقة أن السفيرة الأمريكية خدعتهم في هذا الأمر كما خدعت زميلتها الأخري في العراق صدام حسين حينما استطلع رأيها في غزو الكويت. 4 ترك الإخوان والحركة الإسلامية المصرية لمشروعها الدعوي والاجتماعي المتفق عليه وتحولها إلي مشروع سياسي مختلف عليه, فأخطر ما أصاب الحركة الإسلامية المصرية بعد25 يناير هو تخليها طواعية عن موقع الدعوة والهداية وتحولها إلي حركة سياسية محضة تدور حول السلطة وتدندن حولها وتضحي من أجلها وتبذل الآلاف من شبابها من أجل كراسيها. 5 الخلط المعيب بين الشرعية والشريعة, مع أنهما الحروف نفسها لكن الفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض, فالشريعة لا يمكن التنازل عنها أما الشرعية فيمكن التنازل عنها لمصلحة شرعية مثل حقن الدماء كما تنازل الحسن بن علي. 6 إطلاق شعار الشرعية أو الدماء بعد عزل مرسي بدلا من الاستنان بسنة الحسن بن علي حقنا للدماء, وهذا الشعار كان سببا في إهدار كثير من الدماء فلا أدركت الحركة الإسلامية الشرعية ولا حقنت الدماء. 7 الخلط بين العقائدي الثابت والسياسي المرن المتغير, وبين المقدس والبشري, والخلط المعيب بين الأحزاب السياسية والجماعات الدعوية, بحيث ذابت المسافات تماما بين الجماعة الدعوية والحزب السياسي التابع لها, بل أصبحت هذه الأحزاب مجرد ذراع سياسية للجماعات السرية في الحقيقة والعلنية في الشكل. 8 إغفال الإخوان ومن تحالف معهم لقوة الدولة المصرية ومؤسساتها والتي تظهر أحيانا بمظهر الصامت أو المتفرج, فالدولة المصرية بالذات عميقة عمق البحر, وضاربة الجذور في التاريخ ولها ظاهر وباطن, ولا يغرك ظاهرها إن تبسمت لك أحيانا, ولها وثبة أشبه بوثبة الأسد, ولها صبر أعمق من صبر الجمل, وقد تبدو أحيانا ساذجة غافلة مع أنها تستبطن المكر والدهاء, ولعل الفلاح المصري اكتسب جزءا كبيرا من هذه الصفات. 9 تحالف الحركات الإسلامية السلمية مع تنظيمات لها أفكار تكفيرية ومسلحة وتسير علي نهج القاعدة, وتكفر الجيش والشرطة والأحزاب السياسية والصوفية وغيرهم وتقوم بتفجيرات واغتيالات وحرائق. 10 توجه قطاع كبير من شباب الحركة الإسلامية إلي فكر التكفير وخاصة بعد عزل مرسي وفض رابعة, ناسين أنهم دعاة لا قضاة وأنهم ليسوا أوصياء علي الناس ولا علي الدين, وأن النبي العظيم خوطب في آخر حياته بقوله تعاليلست عليهم بمسيطر. 11 إهمال كل الفرص التي لاحت لهم لحل الأزمة سلميا مثل رفض الانتخابات الرئاسية المبكرة, أو قبول اجتماع القوي المدنية في وزارة الدفاع, أو رفض ثلاث محاولات جادة لحل الأزمة قبل فض رابعة. 12 اعتصام رابعة بخطابه كان مأساويا, واعتقاد الإخوان عدم قدرة الدولة علي فضه كان خطأ قاتلا, وعدم صرف المعتصمين بعد عيد الفطر وبعد إعطاء الدولة وقتا كافيا للفض الطوعي, ورفض كل محاولات الحل السلمي للأمر, أو حتي صرف الناس بعد أن عرف القادة موعد الفض تقريبا. 13 تحويل الصراع السياسي أو الصراع علي السلطة إلي صراع ديني وأن مصر فيها فسطاطان, فسطاط للكفر والعلمانية وفسطاط للإيمان والدين, وهذا يضر الإسلام قبل أن يضر خصومه. 14 غياب الخطاب الإسلامي الوسطي الذي يجمع ولا يفرق, ويبشر ولا ينفر, وييسر ولا يعسر, ويقرب الناس من الدين ولا يبعدهم عنه, ويعين الإنسان علي شيطانه لا أن يعين شيطانه عليه, يدعو إلي المصالحة والعفو والصفح والتسامح.