يفخر أبناء أسيوط بنعم كثيرة حباهم الله بها علي رأسها الرمان.. حتي إن الفلكور الشعبي لم يتجاهل هذه الفاكهة المحببة ونسج حولها كلمات شهيرة تتغني بها الأجيال ما إن تذكر تلك الكلمات حتي يتبادر إلي أذهان الصعايدة وخاصة أهالي منفلوط البداري بأسيوط أجمل الذكريات لموسم حصاد الرمان الأسيوطي أو تحديدا المنفلوطي.. كما ذاع صيته عالميا حيث ارتبط ذلك النداء الشهير بالفلكلور الشعبي لأهالي أسيوط وكان يخرج الباعة الجائلون سواء في القطارات أو في مواقف السيارات أو علي الطرق السريعة يحملون الأقفاص والعلائق بها الرمان المنفلوطي الشهير والذي كان يقبل عليه الناس دائما وذلك لجودته وحلاوة مذاقه حتي إن المناسبات السعيدة ارتبطت بموسم الرمان إذ كان يؤجل أهالي أسيوط زواج أبنائهم وبناتهم إلي بعد حصاد موسم الرمان لكون العائد وفيرا ويغطي نفقات تلك المناسبة المهمة بل تخطاه الأمر إلي من يريد شراء قطعة أرض زراعية أو بناء دوار ينتظر موعد الحصاد, ولذا كان الرمان المنفلوطي يمثل دخلا مهما لأهالي أسيوط ويعتمدون عليه اعتمادا كليا في حياتهم اليومية ولذا انتقلت زراعة الرمان من مركز إلي مركز, ومن قرية إلي قرية حتي سحبت البساط مراكز البداري وساحل سليم لتقوم بزراعة مساحات شاسعة من محصول الرمان وذلك لعائده الوفير وإنتاجيته العالية وأسعاره المعقولة وهو ما جعل تسويقه عالميا أمرا في غاية السهولة لما يحققه الأمر من مكاسب وفيرة. أرقي مركز دوليا ويشير محمد حمد الله رئيس جمعية المستثمرين بأسيوط إلي أن محصول الرمان من أهم السلع التصديرية للخارج حيث إن اسم رمان البداري عرف طريقه للصعود والشهرة ليجعل من مدينة البداري واحدة من أرقي مراكز زراعة وتصدير فاكهة الرمان علي المستويين المحلي والدولي وقد كان هذا التميز كفيلا بتحرك كل أجهزة الدولة لمساندة مزارعي هذه الفاكهة ودعمهم من خلال تذليل كل العقبات أمامهم لزيادة حصيلة التصدير في ظل احتياج السوق الخارجية لهذا المحصول الرائد الذي تميز به مركز البداري لامتلاكه تربة زراعية بها مقومات ومواصفات هيأتها لتكون المصدر الأول لهذا المحصول بجانب الهبة الإلهية المتمثلة في المناخ حيث إن90% من المساحة الإجمالية من المركز مزروعة بهذا المحصول وبات يمثل الدخل الرئيسي لغالبية سكان البداري, ووفقا لأحدث الإحصاءات تحتل البداري المركز الأول في زراعة وإنتاج المحصول علي مستوي الجمهورية. وأكد محمود عبد الله سيد مزارع أنه في السنوات الخمس الأخيرة بدأ الطلب يزداد علي هذا المنتج من دول أجنبية مثل روسيا وأوكرانيا ودول عربية مثل السعودية والكويت وسوريا والعراق والأردن وهو ما جعل من الرمان الأسيوطي سلعة رائجة في الخارج ويتطلب الأمر بعض التنسيق للاستفادة بأكبر قدر مستطاع من هذا المحصول الذي ذاع صيته عالميا حيث يتمتع بمواصفات خاصة مثل اللون الأحمر اللامع وحجم الثمرة. محصول السعادة ويوضح حسين عبد الحميد خليفة مزارع أنني أتذكر دائما وأنا في صبايا أن موسم الرمان كان يسير بالتوازي مع موسم جمع القطن حيث كانت دائما المناسبات السعيدة مرتبطة به لأنه هو المحصول الوحيد الذي كان يدر عائدا علي الفلاحين وأصحاب الأراضي, حيث كان يحصل الفلاح علي إنتاجية عالية يسدد بها إيجارات الأرض الزراعية ونفقاته واحتياجاته المتعددة سواء كان لطهور أو ولادة أو زواج احدهم بالإضافة إلي نفقات الأسرة طوال العام, وأما أصحاب الأملاك فكان دخول موسم الرمان يمثل لهم فرحة كبيرة, لأن الخير الوفير العائد من الحصاد يكفي الجميع أما حاليا فالأوضاع تغيرت تماما وبات محصول الرمان هو المحصول الأوحد ذا الإنتاجية العالية والعائد الوفير نتيجة تصديره للخارج وزيادة الطلب عليه. ويضيف خيري عبد الرحمن عامر مزارع أن الأغاني المرتبطة بالرمان لم تأت من فراغ بل لها أسبابها ودوافعها القوية حيث كان الأهالي ينتظرون موسم الرمان علي أحر من الجمر, فكان يخرج الفتيان والصبية والبنات في جماعات إلي الحدائق في موسم الحصاد وهم يتغنون بالأغنية الشهيرة التي يحفظها أهالي أسيوط عن ظهر قلب وتقول كلماتها ادحرج واجري يارمان... وتعالي علي حجري يارمان... يامنفلوطي يارمان.... من بحري أسيوطي يارمان إلي آخرها فهي كلمات عفوية كانت تخرج من المزارعين لتعبر عن فرحتهم وسرورهم بدخول موسم الرمان. ويقول علي محمد نعمان مزارع من مركز البداري إن الرمان أصبح المحصول الرئيسي لكثير من المزارعين الذي استبدلوه بالزراعات التقليدية خاصة أن العائد وفير لأن المحاصيل التقليدية لم تعد تفي بمصروفاتها ولم تف بنفقات الأسرة ولذا تحول كثير من الأهالي إلي زراعة الرمان حتي أصبح هو موسم الحصاد الرئيسي في القرية لكثرة الطلب عليه خارجيا ومن ثم سهولة تسويقه وتصديره للخارج. تصدير150 ألف طن من جانبه أكد المهندس ياسر الدسوقي محافظ أسيوط أن محصول الرمان بات من أهم المحاصيل الإستراتيجية التي تشتهر المحافظة بتصديرها للخارج حيث تحتل المحافظة المركز الأول في المساحة المزروعة من الرمان بلغت ما يقارب9 آلاف فدان بمتوسط إنتاج للفدان يتراوح بين12 و15 طنا لتنتج أسيوط أكثر من88% من محصول الرمان في مصر هذا فضلا عن أن المحافظة تصدر ما يزيد علي150 ألف طن سنويا إلي دول الخليج والعراق وروسيا وأوكرانيا وبعض الدول الأوروبية لذا طالبنا بتشكيل كيان مؤسسي لمزارعي الرمان بالمحافظة حتي يتمكن من تأسيس إدارة ناجحة للحفاظ علي استمرارية زراعة محصول الرمان والقيام باستثمار هذا النجاح في زراعته في إنشاء صناعات تقوم علي المنتج بدلا من تصديره مباشرة إلي الخارج لتصديره في منتجه النهائي وهو ما سيعود بالمكسب الوفير علي المزارعين كما طالبنا بمخاطبة مجلس التصدير بتحديد بداية ونهاية لموسم تصدير الرمان والذي يفضل أن يكون بمنتصف شهر أغسطس مع بداية موسم حصاد زراعات الرمان في بداية شهر أغسطس من كل عام. وأضاف الدسوقي أنه وجه مديرية الزراعة بأسيوط بعقد ندوات إرشادية للفلاحين بنطاق المحافظة بأهمية استخدام أحدث طرق الزراعة لتحسين إنتاجية الرمان بالمحافظة والذي يعد من أجود أنواع الرمان في العالم حتي تحتفظ مصر بمكانتها في تصدير ثمار الرمان علي مستوي العالم.