داخل واحدة من أكبر المناطق الأثرية في مصر والعالم بمدينة إهناسيا بمحافظة بني سويف عاصمة مصر الفرعونية يطغي الإهمال علي الكنوز التاريخية. وتنتشر كافة أعمال محو التاريخ بجميع أشكالها من التنقيب علي الآثار, إلي تحويل المنطقة إلي مرعي للماشية وربطها بالأعمدة الجرانيتية والمسلات وصولا إلي إلقاء القمامة بها, فيما تحول حرم المنطقة إلي مدافن للأهالي, فضلا عن ارتفاع منسوب المياه الجوفية نتيجة مخلفات الصرف الصحي للمنازل المجاورة, ولم تفلح الملايين التي أنفقتها وزارة الآثار في السيطرة علي المياه الجوفية التي تكاد تقضي علي الآثار بالمنطقة. يقول ياسر محمد أعمال حرة إن تاريخ إهناسيا يكاد يضيع علي أيدي مسئولي الآثار بمصر وبني سويف وأصبحت نقطة مظلمة علي خريطة آثار العالم بعد أن كانت عاصمة مصر في عهد الأسرتين التاسعة والعاشرة وكانت تعرف باسم أهنيس ومنها اشتقت التسمية الحالية إهناسيا. وأضاف أن مساحة المنطقة الأثرية تبلغ حوالي390 فدانا وهي تحتوي علي العديد من بقايا المعابد, مشيرا إلي أنه تم العثور علي مجموعة كبيرة من الآثار, أهمها تمثالان من الكوارتز لرمسيس الثاني, لافتا إلي أن هذه المدينة العظيمة ذات طبيعة دينية خاصة في التاريخ الفرعوني القديم وكانت مسرحا للأسطورة الفرعونية القديمة هلاك البحرية, وكانت مقرا لإقامة المعابد خلال الأسر التاسعة والعاشرة والثانية عشرة وخلال عصرت الدولة الحديثة واليوناني الروماني. وأوضح أن إهناسيا كانت عاصمة الإقليم العشرين قبل توحيد القطرين, وعثر بها علي مجموعة من المقابر من عصر الأسرة22 وبها نقوش مختلفة, ومازالت بقايا أعمدة المعبد الروماني موجودة حتي الآن بالمنطقة, كما خرجت من المنطقة مجموعة كبيرة من الآثار الصغيرة المتمثلة في الأواني الكانوبية أواني حفظ الأحشاء, عند تحنيط المتوفي, والتمائم, والأواني الفخارية, والحلي الموجودة في متحف بني سويف ومتحف إهناسيا حاليا وما زالت الاكتشافات الأثرية والمعابد الفرعونية تتوالي في المنطقة التي لم تبح بأسرارها بعد. ويقول أحمد الدسوقي محاسب أن الإهمال متبادل بين الأهالي في عدم الحفاظ علي مناطقهم الأثرية وبين المسئولين عن الآثار ولو قامت مديرية الآثار بالمحافظة منذ عشرات السنين بتكثيف العمل الخاص ببعثات التنقيب بالمنطقة لما تعرضت للنهب بهذا الشكل وأصبحت أعمال الحفر والتنقيب عن الكنوز التاريخية تتوقف فقط علي الأيام المعدودة التي تعمل خلالها البعثة الإسبانية كل عام. وأضاف الدسوقي أن المنطقة مليئة بالآلاف من الأواني الفخارية المحطمة والملقاة في المنطقة بسبب التنقيب العشوائي للصوص والحفر بشكل غير علمي, فضلا عن قلة قيمتها عند البيع والشراء من وجهة نظر اللصوص مقارنة بالخطورة في حملها والانتقال بها من مكان لآخر. ويشير محمد النقلي تاجر إلي قيام اللصوص خلال فترة الانفلات الأمني عقب ثورة25 يناير بالبحث عن الكنوز وقاموا بتكسير العديد من الحجارة الفرعونية وآلاف الأواني المستخرجة من باطن الأرض, مشيرا إلي أن الذهب والمومياوات هما الهدف عندهم ولولا حماية الأهالي لمخزن الآثار العملاق والمتحف بإهناسيا لفقدت مصر ثروة لا تقدر بثمن وقتها والأغرب هو جهل معظم شركات السياحة بمصر وخارجها بمنطقة آثار إهناسيا وذلك لعدم التوعية والإعلان عنها من قبل هيئة الآثار ببني سويف. ويضيف علاء صابر محام أن الحشائش منتشرة بالمنطقة بشكل كبير لدرجة أنها أخفت معالم التماثيل الأثرية وغطت وجه رمسيس بالكامل, فيما تحولت المنطقة إلي مرعي للمواشي والماعز, حيث يستخدمها الأهالي في تغذية الماشية التي يتم ربطها في المعابد والمسلات الفرعونية, بينما غرقت بقايا المعبد في المياه الجوفية التي ضربت المنطقة بأكملها, دون وجود أي ملامح لتحرك مسئولي المحافظة ووزارة الآثار لإنقاذ المعابد التي تغرق في المياه الجوفية, خاصة بعد فشل مشروع شفط المياه من المنطقة, الذي كبد ميزانية الوزارة أكثر من26 مليون جنيه دون جدوي. من جانبه أكد المهندس شريف حبيب محافظ بني سويف أن المحافظة تمتلك العديد من المقومات السياحية والأثرية والتاريخية مثل منطقة إهناسيا الأثرية وهرم ميدوم ثاني أقدم هرم مدرج في العالم, فضلا عن كهف سنور وآثار الحيبة بالفشن وآثار دشاشة بسمسطا, وغيرها من الإمكانات السياحية المتنوعة, بالإضافة إلي عدد من الآثار الإسلامية والقبطية والتي تؤهلها لأن تكون من أهم المناطق والمزارات السياحية,لافتا إلي سعي المحافظة بالتنسيق مع وزارتي الآثار والسياحة والجهات المعنية للنهوض بالإمكانات الأثرية والسياحية واستغلال الكنوز الأثرية المكتشفة بها والترويج لها لتكون مقصدا للسياحة الخارجية والداخلية.