ما حكم تقديم الطعام للمعزين الذين يأتون من أماكن أو بلاد بعيدة للتعزية والمشاركة في الدفن؟ صنع الطعام وتقديمه للمعزين الذين يأتون من أماكن أو بلاد بعيدة للتعزية والمشاركة في الدفن لا حرج فيه شرعا لأهل الميت; وذلك لحاجة هؤلاء المعزين إلي الضيافة والقري, ويسن أن يصنعه جيران أهل الميت أو الأقارب الأباعد وأن يكفوا أهل الميت مؤنة ذلك; لما رواه أبو داود في سننه من حديث عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال: لما جاء نعي جعفر قال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: اصنعوا لآل جعفر طعاما فإنه قد أتاهم أمر شغلهم, فإذا كان من المستحب أن يكفوا مؤنة طعام أنفسهم فلأن يكفوا مؤنة إطعام غيرهم أولي وأحري; قال الإمام ابن العربي المالكي: والحديث أصل في المشاركات عند الحاجة. والمكروه إنما هو اصطناع أهل الميت الطعام تقصدا لاجتماع الناس عليه من غير حاجة; لما رواه الإمام أحمد واللفظ له, وابن ماجه بسند صحيح عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال: كنا نعد الاجتماع إلي أهل الميت وصنعة الطعام بعد دفنه من النياحة. أما إن كان ذلك من أموال القصر أو كان علي جهة التباهي والتفاخر والرياء فهو حرام. يقول الإمام ابن قدامة الحنبلي في( المغني): فأما صنع أهل الميت طعاما للناس فمكروه; لأن فيه زيادة علي مصيبتهم, وشغلا لهم إلي شغلهم, وتشبها بصنع أهل الجاهلية, وإن دعت الحاجة إلي ذلك جاز; فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القري والأماكن البعيدة, ويبيت عندهم, ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه. والله سبحانه وتعالي أعلم.