يتوجه أكثر من خمسة ملايين ناخب تونسي مسجل إلي صناديق الاقتراع اليوم لانتخاب أول مجالس محلية بعد ثورة عام2011, حيث تعود آخر انتخابات بلدية في تونس إلي عام2010, قبل أشهر قليلة من سقوط حكم الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي في أعقاب ثورة الياسمين. وستتوج انتخابات اليوم مسار الانتقال السياسي في تونس, والذي شهد ثلاثة انتخابات ديمقراطية, وهي انتخابات المجلس الوطني التأسيسي في2011 والذي تولي صياغة دستور جديد للبلاد عام2014 مؤسسا بذلك بداية الجمهورية الثانية بعد نحو ستة عقود من دستور دولة الاستقلال عام.1959 وكان حزب حركة النهضة التابع لجماعة الإخوان المسلمين قد اكتسح مقاعد البرلمان في انتخابات2011 لتؤسس تحالفا مع حزبين صغيرين, حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وحزب التكتل من أجل العمل والحريات. واضطر هذا الائتلاف إلي التنحي عن الحكم لحكومة غير حزبية مطلع2014 بعد اضطرابات شهدتها البلاد, واغتيالات سياسية دفعت الفرقاء السياسيين إلي إجراء حوار وطني عبر وساطة قادها خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل, المنظمة النقابة العريقة في تونس. وفي انتخابات2014 فاز حزب حركة نداء تونس الخصم اللدود للأحزاب الدينية الذي يمثل خليطا من الليبراليين واليساريين, لكنه سرعان ما دخل في ائتلاف مع حركة النهضة وأحزاب أخري صغيرة. ويتنافس الآن الحزبان الأكبر في تونس في أغلب الدوائر البلدية في البلاد, حيث تقدم حزب النهضة بقوائم في كل الدوائر وعددها350 بينما تقدم حزب النداء ب345 قائمة. وظهر حزب حركة النهضة من بين أكثر الأحزاب غيرا استعدادا للانتخابات البلدية, حيث أبدت الحركة علي عكس انتخابات2011 و2014 انفتاحا أكبر علي العنصر النسائي والشخصيات الليبرالية والتنوع العرقي. وتبدو المفارقة الأولي أن حزب النهضة, هو الحزب الوحيد الذي التزم بمبدأ التناصف بين الجنسين بقوائمه الانتخابية بكامل الدوائر البلدية في البلاد, متفوقا بذلك علي حزب حركة نداء تونس الذي التزم بهذا المبدأ في345 قائمة فقط, بينما اسقطت هيئة الانتخابات خمس قوائم مخالفة. ودفعت حركة النهضة في بعض الدوائر الانتخابية مثل منطقة سيدي بوسعيد الراقية قرب العاصمة, بعددد مهم من المرشحات السافرات وبأزياء أكثر تحررا مثل سراويل الجينز الممزقة. ويسعي الحزب إلي بعث رسالة طمأنة للناخبين بعد اتهامات رافقت فترة حكمه السابقة بين2011 و2014 بمحاولات تغيير نمط حياة التونسيين ونشر التدين بالقوة. واتخذ الحزب قرارا حاسما في مؤتمره عام2016 بفصل أنشطته الدعوية عن السياسية, والهدف من ذلك هو الظهور كحزب مدني مؤمن بالجمهورية وينبذ التعصب الديني. وفي خطوة غير متوقعة دفع الحزب بمرشح يهودي مستقل, سيمون سلامة, ضمن قائمته الانتخابية بمدينة المنستير, وقد سبقت هذه الخطوة مشاركة قياديين من النهضة في الاحتفالات السنوية للطائفة اليهودية بمعبد الغريبة جنوبتونس لتأكيد سياسة الانفتاح. واجمالا ترشحت للانتخابات2047 قائمة ضمت ما يفوق53 ألف مرشح. ونص القانون علي اعتماد مبدأ التناصف بين الجنسين في القوائم احتراما لما ورد بالدستور الجديد الذي نص علي المساواة بين الجنسين وتكافؤ الفرص. وخصصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات359 مركز اقتراع في انحاء البلاد. وعلي النقيض من انتخابات2011 و2014 حيث فاقت نسبة المشاركة60% فان هناك مخاوف من عزوف الناخبين في الانتخابات اليوم. وأعطت النسبة الضئيلة لمشاركة الأمنيين والعسكريين الأحد الماضي(12%) مؤشرا غير مطمئن عن نسبة الإقبال المتوقعة علي مراكز الاقتراع.