وهب الله ب المحروسة بهبات طبيعية نادرة ليس لها شبيه في العالم.. و تزخر بالعديد من مقومات السياحة العلاجية مقارنة بأكبر دول العالم المتخصصة.. وبالرغم من تفردها وتنوعها بمختلف المحافظات خاصة سيناء والبحر الأحمر والوادي وسيوة.. إلا أن المردود الاقتصادي ما زال لا يحقق الرجاء المأمول كمنتج سياحي جاذب و متميز.. بالأهرام المسائي تحاول البحث عن الإجابة عن كيفية الاستفادة المثلي من هذه المناطق المميزة.. خاصة في ظل تنامي أعداد السائحين الذين يسافرون للسياحة العلاجية والاستشفائية.. خلال السطور التالية.. أوحت لياليها وطقسها ونيلها وترابها لأبنائها كتابة الأشعار والهيام في قمرها وشمسها.. وإذا كانت مرسي مطروح في أقصي الشمال الغربي تتغني بمياهها وهواها, فإن أسوان ساحرة الجنوب تتغني أيضا بشمسها ورمالها وطقسها الجاف الذي يشفي العليل كما يقول مطلع أغنية شهيرة من الفلكلور الأسواني أسوان بلدنا بلد الهوا.. وصفوها للعلالا دوا واللي بيجي يغير هوا يحلف ما يمشي من هنا.. وهنا في بلاد طيبة والأرض الطيبة تجد لكل داء دواء طبيعيا.. رمال تشفي من الأمراض الروماتيزمية بإذن الله, وأعشاب طبيعية لها مفعول السحر في علاج بعض الأمراض بعيدا عن التدخلات الكيميائية التي بقدر ما هي مهمة في بعض الأحيان إلا أن آثارها الجانبية خطيرة, وفوق هذا وذاك طقس جاف نقي خال من التلوث.. فقط نظرة تأمل إلي طبيعة أسوان الخلابة تنعشك وتجدد نشاطك بلا علاج. الواقع يشهد أن الاستفادة من هذه الطبيعة الخلابة التي وهبها الله إلي أسوان لا ترتقي إلي ما يأمله أهلها الطيبون, حيث لم يستغل المسئولون تلك الميزات النسبية لإنعاش ما يعرف بالسياحة العلاجية مكتفين بسياحة الآثار الثقافية, اللهم عدا بعض المؤتمرات التي عقدت في هذا الشأن ولكن ذهبت توصياتها أدراج الرياح, أما التاريخ فيقول إنه منذ قدم التاريخ وأسوان تعد واحدة من أهم مناطق مصر, التي كان أجدادنا الفراعنة يستغلون مقوماتها في علاج بعض الأمراض المزمنة سواء عن طريق الرمال, أو من خلال الأعشاب الطبيعية المنقوشة علي جدران بعض المعابد, واستمرت أسوان هكذا حتي اكتسبت شهرة عالمية بعد أن كانت سببا في شفاء الآغا خان الكبير الذي عجز أعظم أطباء العالم عن علاجه من الروماتيزم الذي كان يعاني منه, وعندما يئس من الشفاء واستسلم للمرض أشار عليه واحد من أصدقائه بالسفر إلي أسوان فربما يكون لرمالها مفعول السحر علي عظامه, وبالفعل جاء الآغا خان إلي مصر والتقي مع الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي وافق علي منحه قطعة من أرض الجبل الغربي وهناك تلقاه شيخ نوبي وعالجه بالرمال ليتعافي سريعا بعد عدة جلسات من الدفن بالرمال ليعود بعدها إلي بلاده واقفا علي قدميه, فكان ذلك سببا في عشقه لأسوان التي أوصي بدفنه فيها فيما بعد في نفس المنطقة التي عالجته رمالها من الآلام, لتصبح مقبرة الأغاخان وزوجته البيجوم أم حبيبة من أشهر معالم المدينة السياحية حتي الآن, وامتدادا لذلك يحتل مركز جراح القلب العالمي مجدي يعقوب قمة هرم السياحة العلاجية في أسوان باعتباره مقصدا للمرضي من كافة أنحاء العالم, وخلاصة القول إن أسوان كمدينة سياحية عالمية في حاجة ملحة لمزيد من الترويج لهذا النمط السياحي, خاصة أنها ورسميا تحتضن مركزين للعلاج بالرمال والمياه ومن المقترح إنشاء قرية سياحية جديدة بالمنطقة الممتدة بين فندق كتراكت التاريخي وخزان أسوان وتضم مراكز خاصة للعلاج الطبيعي ومصحات لمرض الروماتيزم والأمراض الجلدية, نظرا لما تتميز به تلك المنطقة من مقومات استشفائية طبيعية. غرب سهيل يقول أحمد شامبو من قرية غرب سهيل النوبية إن السياحة العلاجية الطبيعية لابد من استغلالها استغلالا جيدا في أسوان, فهي نمط يسعي إليه آلاف السائحين في أوروبا, ولكن للأسف فإن الترويج لها غير فعال علي الرغم من توافر مقوماتها, وعن قريته السياحية يقول إن عام2004 قد شهد تحويلها إلي قرية للبيئة المستدامة وأصبحت بعدها مقصدا رئيسيا من المقاصد السياحية في أسوان, خاصة أنها تتميز بالطبيعة الرائعة التي تحيطها غربا كما تتميز برمال منطقة بربر التي يتم دفن الراغبين في رمالها لعلاج بعض الأمراض الجلدية والروماتيزمية. ويقول حمودة الإسكندراني وهو واحد من العاملين في العلاج بالرمال بمنطقة غرب أغاخان الشهيرة إن الرمال لها مفعول السحر, فهي تتكون من عناصر طبيعية تساعد كثيرا في علاج أمراض العظام, وقال إن سائحين كثيرين يقبلون عليها لأسباب متعددة مرضية وغير مرضية, حيث يتم دفنهم في الرمال بمواعيد محددة قبل الشروق وفي الضحي وقبل غروب الشمس تجنبا لأشعتها الحارقة ودرجة حرارتها العالية, وعقب الجلسة مباشرة يتم لف المريض ببطانية ويحظر عليه شرب الماء لمدة ساعتين ويكتفي فقط بالشوربة أو مشروب القرفة, وعن برنامج العلاج بالرمال يقول الإسكندراني: إن تحديده يتم طبقا لكل حالة وحسب رغبة السائح. التأمل.. اليوجا ويشير عبد الناصر صابر مرشد سياحي إلي نمط جديد من السياحة العلاجية قد بدأ يدخل ضمن منظومة هذه السياحة وهو سياحة التأمل أو اليوجا, ويقول: إن هناك شركات سياحية قد اقتحمت هذا المجال وتنفذه حاليا بشكل فردي الأمر الذي يحتاج إلي تعميم هذه التجربة واستقطابها من دول عديدة تمارسها بحرفية شديدة, وطالب صابر باهتمام وزارة السياحة بالترويج للسياحة العلاجية في الجنوب, فليس معقولا أن نهمل هذا النمط في الوقت الذي تستغله دول سياحية أخري لا تملك مقومات مصر الطبيعية علي الإطلاق. وينتقل صابر بصفته مرشدا سياحيا ونقيبا سابقا للمرشدين للحديث عن حمامات الطمر بالرمال قائلا: إنه كشاهد عيان علي بعض الحالات فإنها تبدأ من مارس إلي شهر أكتوبر من كل عام, حيث تشتد أشعة الشمس في هذه الفترة بأسوان, ويقوم علي تنفيذها خبراء في الرياضة والعلاج الطبيعي من خلال برامج معدة بأسس علمية, وجميع هذه المراكز تعمل في إطار دراسات سابقة أجراها المركز القومي للبحوث. مشروع جديد وأوضح محمد بشير وهو واحد من الذين يقومون حاليا بإنشاء مركز استشفائي طبيعي بقرية غرب أسوان أن مصر تعد بيئتها من أغني البيئات ذات القيمة العلاجية بفضل مواردها الطبيعية التي تتمثل في الطقس الدافئ الجاف بجانب العديد من العيون المعدنية والكبريتية والرمال السوداء التي تتميز بخواص استشفائية, خاصة في سفاجا بالبحر الأحمر وأسوان والواحات وشبه جزيرة سيناء, وأضاف بأن مستقبل السياحة العلاجية هو الذي دفعه للسعي نحو إقامة هذا المشروع السياحي بأسوان, فمفهومها الدارج لدي الجميع هو انتقال السائح من بلد إلي آخر بدافع الرغبة في طلب وتحقيق الشفاء من بعض الأمراض, أو لإشباع حاجات جسدية من العناصر الطبيعية التي يفتقرها في موطنه, وعن أسوان قال: إنها تتمتع بشهرة واسعة في مجال السياحة العلاجية خارجيا وداخليا, فهي مقصد مهم للراغبين في العلاج من أمراض مختلفة ومنها الروماتيزم, وذلك عن طريق إحاطة جسم المريض برمال الصحراء الساخنة, كما أثبتت البحوث والدراسات المتعددة التي أجراها العديد من الخبراء والمؤسسات المحلية والعالمية صلاحية طقس أسوان في علاج الأمراض المزمنة لما يتميز به من نسبه عالية من الأشعة فوق البنفسجية وانخفاض نسبة الرطوبة, فسطوع الشمس علي مدار العام مع جفاف هذا الطقس يكونان مناخا مثاليا لعلاج أمراض الروماتيزم والالتهاب الشعبي والربو والتهابات الكلي المزمنة وغيرها من الأمراض. الحنضل والعرديب من الصعب جدا بل من المستحيل أن يغادر ضيوف أسوانالمدينة بدون شراء المنتجات الطبيعية التي تشتهر بها كالكركدية والدوم والعرديب, فهي بعيدا عن كونها مشروبات فإنها تعالج بعض الأمراض والدليل وكما يقول محمد الصغير تاجر عطارة ومنتجات أسوانية إن معظمها يستخدم حاليا في صناعة الأدوية كمدخلات طبيعية تجنبا للآثار الجانبية للمواد الكيميائية. مجدي يعقوب من جانبه, أكد اللواء مجدي حجازي محافظ أسوان أن المحافظة بالتعاون مع الهيئات والكيانات السياحية تسعي دائما للتسويق والترويج الجيد للمقومات التي تتمتع بها أسوان, بجانب دعم الأنماط السياحية العديدة, دون الاعتماد فقط علي السياحة الأثرية والثقافية, ومن هذه الأنماط سياحة المؤتمرات والمهرجانات والسياحة العلاجية والرياضية. وكشف المحافظ أن الموسم السياحي الشتوي الحالي قد شهد بفضل هذه الأنماط السياحية زيادة ملحوظة في معدلات الإشغال الفندقي, موضحا بأن أسوان تمتلك كافة مقومات السياحة العلاجية من طبيعة وطقس ومراكز استشفاء, بالإضافة إلي مركز مجدي يعقوب لأمراض وأبحاث القلب الذي أصبح قبلة للسياحة العلاجية, حيث اختار جراح القلوب العالمي أسوان تحديدا لنقاء طقسها وجفافه الذي يعد بيئة مناسبة للاستشفاء والنقاهة بعد إجراء العمليات الجراحية الكبري, وأكد حجازي سعي المحافظة لإنشاء مراكز طبية أخري في مجال علاج الأورام وغيرها من أجل زيادة معدلات الإقبال علي هذا النمط السياحي, وعلي رأس هذه المراكز المدينة الطبية العالمية التي تعتزم مؤسسة مجدي يعقوب مدعومة برجال الخير إنشاءها في مدينة أسوان الجديدة غرب النيل.