رغم الإدانات الدولية والاحتجاجات التي عمت الشوارع رفضا للعدوان التركي الغاشم علي مدينة عفرين بشمال سوريا إلا أن تركيا ضربت بكل ذلك عرض الحائط مكثفة قصفها علي البلدة الحدودية مع التوغل البري لقواتها داخل المدينة, الأمر الذي دفع الأكراد أمس إلي إعلان النفير العام دفاعا عن عفرين مطالبين المدنيين بحمل السلاح لصد الهجمات التركية وجاء ذلك بالتزامن مع استمرار الاشتباكات العنيفة, فيما طالبت أمريكاتركيا مجددا بالتحلي بضبط النفس في عملياتها وخطابها بينما أعربت فرنسا عن بالغ قلقهما إزاء الهجمات التركية. ومع دخول العدوان التركي يومه الرابع أعلنت الإدارة المركزية للأكراد ضرورة التحاق كل الشباب إلي صفوف القتال خاصة الذين سبق لهم الالتحاق بخدمة الدفاع الذاتي, متعهدة بتوفير كافة الأسلحة اللازمة لهم, معتبرة أنها معركة للدفاع عن كرامة مدينتهم وكبريائها. وفي إجراء استفزازي جديد أعلن وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو انه إذا لم توقف أمريكا الإرهابيين في منبج فسنقوم نحن بذلك, وهو ما يؤكد أن تركيا لن تتراجع عن هجماتها العدوانية بل تدرس شن المزيد منها علي الأراضي السورية. يأتي ذلك في وقت شهدت فيه عدة مدن ألمانية احتجاجات حاشدة علي العدوان التركي علي عفرين, ووقعت أحداث عنف واشتباكات بين محتجين أكراد ومسافرين أتراك مؤيدين للرئيس التركي رجب طيب أردوغان,في مطار هانوفر, وقد أصيب عدد من الأشخاص في الاشتباكات كما وقعت أضرار مادية بالمطار, حسب مصادر الشرطة, التي تدخلت وفرقت المحتجين مستخدمة رذاذ الفلفل. وشهدت مدينة هانوفر مظاهرات حاشدة احتجاجا علي الهجوم التركي, انتهت بشكل سلمي, وامتدت الاحتجاجات في صورة فعاليات نظمها نشطاء أكراد في مدن( هامبورج, كولونيا, شتوتجارت, بريمن, هاليبرون, والعاصمة برلين), وذلك بعد ساعات قليلة من المظاهرات التي اندلعت في قلب تركيا والتي رفضت العدوان علي سوريا وسرعان ما فرقتها الشرطة معتقلة العشرات من الأكراد والمؤيدين لهم. وفي السياق ذاته طالب حزب اليسار الألماني المعارض بإصدار بيان حكومي من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال الأسبوع القادم بشأن الهجمات التركية, مشيرا الي إنه يتعين علي ميركل توضيح سياستها تجاه تركيا في ظل استمرار زحف القوات التركية في المنطقة الكردية عفرين. ومن جانبها نشرت صحيفة التايمز البريطانية تقريرا عن الهجوم الغاشم لتركيا مؤكدة أن أردوغان يبحث في عفرين عن جائزة أكبر, مشيرة إلي أن السلطان نجح بسياسته في طمس الصورة التي رسمت لبلاده كنموذج للديمقراطية الإسلامية التي يحتذي بها, وذلك لأنه ظل يدعم المعارضة السورية حتي بعد تغلغل الإرهابيين في صفوفها مما يجعل دولته داعمة للإرهاب, الأمر الذي جعل بلاده معزولة دبلوماسيا وأصبح أردوغان منبوذا. وتري الصحيفة أن هجوم أردوغان علي الأكراد في سوريا لوث صورته الدولية الملوثة بالفعل, ولكن حيلولته دون إقامة دولة كردية علي طول الحدود مع سوريا سيجلب له الكثير من الثناء في الداخل, مشيرة إلي أن الجائزة الحقيقية لأردوغان ليست عفرين, ولكن هدفه الرئيسي هو أن يشب الخلاف بين الولاياتالمتحدة ووحدات حماية الشعب الكردية. وتخشي تركيا أن يمتد دعم الولاياتالمتحدة للأكراد إلي ما بعد قتال تنظيم داعش الارهابي إلي الصراع بشأن مستقبل سوريا, فأردوغان يعلم جيدا إن بلاده لن تكون من الفائزين الكبار في حرب سوريا, ولكنه عاقد العزم علي ألا يكون الأكراد أيضا من الفائزين.