قليلة هي السنوات التي عاشها عاطف الطيب,48 عاما بين مولده في26 ديسمبر1947, ووفاته يوم23 يونيو1995. وفيما يبدو أن المخرج الراحل كان يشعر بهذا, فأنجز خلال عمره القصير ما عجز عن تحقيقه الآخرون ممن عاشوا سبعة عقود وأكثر. والإنجاز هنا ليس فقط في الأفلام التي أخرجها الطيب ووصل عددها إلي21 فيلما علي مدار13 عاما فقط, ولا في أن معظم هذه الأفلام أصبح من الكلاسيكيات والمعلوم بالضرورة من السينما. ودخل قوائم أهم مائة فيلم, ولا في أن بعضها حصد جوائز من مهرجانات دولية وللتذكرة فإن هذه الافلام هي1982 الغيرة القاتلة لنور الشريف ونورا ويحيي الفخراني,1983 سواق الاتوبيس لنور الشريف وعماد حمدي( جائزة أحسن فيلم من مهرجان نيو دلهي السينمائي الدولي)1984 التخشيبة لأحمد زكي ونبيلة عبيد والزمار لنور الشريف وبوسي وصلاح السعدني( فيلم شعري لم يعرض)1986 الحب فوق هضبة الهرم لأحمد زكي وآثار الحكيم وملف في الآداب لصلاح السعدني ومديحة كامل وفريد شوقي والبريء لأحمد زكي ومحمود عبد العزيز.1987 أبناء وقتلة لمحمود عبد العزيز ونبيلة عبيد والبدرون لممدوح عبد العليم وليلي علوي وضربةمعلم لنور الشريف وليلي علوي وكمال الشناوي.1989 الدنيا علي جناح يمامة لمرفت أمين ومحمود عبدالعزيز وكتيبة الإعدام لنور الشريف ومعالي زايد وقلب الليل لنور الشريف وهالة صدقي.1991 الهروب لأحمد زكي وهالة صدقي( عدة جوائز من مهرجان فالنسيا ومهرجان القاهرة).1992 ناجي العلي لنور الشريف ومحمود الجندي وضد الحكومة لأحمد زكي ولبلبة ودماء علي الاسفلت لنور الشريف وإيمان الطوخي وحسن حسني.1993 إنذار بالطاعة لمحمود حميدة وليلي علوي.1994 كشف المستور لنبيلة عبيد وفاروق الفيشاوي ويوسف شعبان.1995 ليلة ساخنة لنور الشريف ولبلبة وجبر الخواطر لشريهان وطارق لطفي وسناء يونس. كل هذا الرصيد لم يكن هو السبب الوحيد في أن نعتبر الطيب مخرجا ذا إنجاز غير طبيعي, وإنما مجموعة من الظواهر يمكن الحديث عنها إجمالا بتبسيط مخل, فقد عمل الطيب مساعدا لعدد من المخرجين المتنوعين في كل شيء, من أول شادي عبدالسلام وحتي يوسف شاهين محليا بالإضافة إلي عدد من المخرجين الأجانب, وهو ما جعله يدخل عالم الاحتراف والتمكن بسهوله ويسر. كما أن سينما الطيب انتصرت للقيمة بشكل عام, ولو علي حساب الجمال, فلم ينشغل بالنظريات الحديثة بحثا عن سينما مصرية, بل انشغل بمصر بحثا عن سينما حديثة, وقد تواجه سينما الطيب بانتقادات أنها تغلب الايديولوجيا علي حساب الابداع, ولكنه لم يكن مهتما بالسؤال من أصله, فأخرج الحوار الشعري والتجاري الصرف والسياسي والاجتماعي, وكل ما وصل إليه. أما أهم ما يميز الطيب في تقديرنا فهو أنه قدم تحفة سواق الأتوبيس في بداية حياته, ولم يفعل كغيره, فيجلس بجوار الحائط ينعي عدم وجود سيناريوهات, ولم يصرح بأنه لا يريد أن يقدم أقل منه, وعمل حتي آخر يوم في حياته, المهم أن يكون هذا العمل ضد الحكومة ومع الناس. وربنا يرحم الجميع.