من فضل الله علي عباده أن رضي لهم الإسلام دينا, وجعله رسالته الأخيرة الخالدة إلي يوم القيامة, وشرع فيه كل ما فيه نفع وصلاح لهم في دنياهم وأخراهم, ونهاهم وحذرهم عن كل ما يفسد دينهم ويضر مصالحهم, وحرم عليهم الظلم والعدوان فيما بينهم, وحفظ المجتمع من الخلل والفساد والبغي والاعتداء, وحمي الضروريات لخمس: النفس, والعقل, والعرض والنسب, والدين, والمال, وصانها من أي بغي واعتداء عليها, ورتب حدودا صارمة في حق من يعتدي علي هذه الضروريات, سواء كانت هذه الضروريات لمسلمين, أو معاهدين, فالكافر المعاهد له ما للمسلم, وعليه ما علي المسلم. ومن هذا المنطلق رفض الإسلام رفضا كليا الإرهاب بجميع أشكاله وألوانه وصوره, لأنه قائم علي الإثم والعدوان وترويع الآمنين, وتدمير مصالحهم ومنافعهم, ومقومات حياتهم, والاعتداء علي أموالهم وأعراضهم وحرياتهم, وكرامتهم الإنسانية, ويحرم الإقدام عليه أو المساهمة فيه, بأي وسيلة كانت هذه المساهمة بالتخطيط له أو التستر علي أربابه وإيوائهم, وتقديم المعونة المادية لهم. لقد نبذ الإسلام العنف والإرهاب كل النبذ, ورفضه كل الرفض, وحذر من أخطاره الأليمة وعواقبه الوخيمة, وقد وضع الإسلام العقوبات الشديدة الرادعة لمن يقدم علي ذلك الفعل, قال تعالي( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)( النساء39) كما ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله( من أشار إلي أخيه بحديدة, فإن الملائكة تلعنه حتي ينتهي, وإن كان أخاه لأبيه وأمه)( مسلم6162) كما أكد الإسلام حرمة الدم البشري, فحرم سفكه إلا بالحق, فلا فرق بين إنسان وإنسان في الإسلام, لقوله تعالي:( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق)( الأنعام آية151) كما عظم الإسلام حرمة النفس البشرية, وجعل الاعتداء عليها اعتداء علي النفوس كلها, لأن الحياة واحدة, كما أن من حمي نفسا واحدة فكأنما حمي النفوس كلها, لقوله تعالي:( من أجل ذلك كتبنا علي بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)( المائدة آيه32) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم( المسلم أخو المسلم لا يخونه ولا يكذبه ولا يخذله, كل المسلم علي المسلم حرام عرضه وماله ودمه)( الترمذي7291) فالظلم والتعدي محرمان في الإسلام, سواء كان من المسلم علي المسلم, أو من المسلم علي غير المسلم).