اشتعلت مواقع الاخبار والتواصل بكاء علي خسائر ماسبيرو التي بلغت5,4 مليار جنيه, ذلك الخبر الذي ذكرني بواقعة عندما توجهت لشحن كارت الكهرباء فأصدر لي الموظف فاتورة مفصلة بقيمة المبلغ الذي دفعته وفوجئت بخانة أراها لأول مرة, مكتوبا فيها1 قرش, فسألت الموظف عن هذا القرش المخصوم, فأجابني لأنه قيمة تحصل علي أي فاتورة كهرباء لصالح الإذاعة المصرية منذ بداية ظهور الإذاعة في مصر, أخذت الفاتورة وغادرت المكان وأنا أفكر في جدوي هذا القرش اليتيم وما الذي يمكن أن يفعله للإذاعة المصرية ومبني ماسبيرو بعد مضي النصف الثاني من العقد الأول من القرن الحادي والعشرين, وتساءلت.. ألم يكن من الأولي بالمسئول الذي فكر في فرض قيمة الجنيهات التسعة المخصصة للنظافة علي فاتورة الكهرباء, أن يفكر في رفع قيمة اشتراك الإذاعة والتليفزيون بالفاتورة بدلا من فرض رسوم النظافة التي تجمع بشكل غير دستوري؟ ألم يكن أولي بمن يروجوا لفكرة أن ماسبيرو يعيش عالة علي ميزانية الدولة وأنه لا طائل من ضخ المزيد من الأموال فيه لتطويره والاكتفاء بصناعة إعلام بديل باهظ التكلفة, أن يفكروا في زيادة موارد هذا المبني الذي يقدم قنوات وخدمات ومهمة قومية لا تقدر بثمن إذا ما أحسن استغلاله؟ هل يتخيل أحد الآن وجود شقة أو فيلا أو قصر أو سيارة أو حتي عشة أو دراجة هوائية بدون الراديو أو التليفزيون؟ وهل يمكن أن يتخيل المسئولون عن ماسبيرو كم الأرباح التي سيحققها هذا المبني لو تم تعديل القيمة المالية التي تحصل عن كل فاتورة كهرباء أو تراخيص السيارات والدراجات البخارية أو فواتير أجهزة الدش والديكودر ومولدات الكهرباء لصالح المبني أو لصالح الإذاعة وشركة النيل للأقمار الصناعية؟ فوفقا لآخر تعداد للسكان لعام2017, تبلغ عدد الوحدات السكنية في مصر23 مليون وحدة مأهولة بالسكان, بينما يبلغ عدد المركبات المرخصة في مصر8.6 مليون مركبة ما بين سيارات ملاكي وأجرة ومواصلات عامة, وبحسبة بسيطة إذا افترضنا رفع قيمة اشتراك الإذاعة علي كل فاتورة شهرية للكهرباء خمسة جنيهات مثلا أو بنسبة تزيد حسب شريحة الاستهلاك, بينما ترفع القيمة بالنسبة للمركبات إلي خمسين جنيه عن كل عام ترخيص, ستتخطي الحصيلة المخصصة لماسبيرو وشركة الأقمار الصناعية المليارات كل عام. لا شك أن المبالغ المتوقعة والتي تتعدي المليارات كل عام كفيلة بتوفير ميزانية يمكن ضخها لإنتاج البرامج والمسلسلات والأفلام ذات القيمة الحقيقية بدلا من حالة الانهيار الفني والقيمي التي يعاني منها ماسبيرو ومؤسسات الإنتاج الثقافي والفني الرسمية التي تعاني من أزمة تمويل هذا القطاع الذي يعتبر قضية أمن قومي؟ وبينما كنت أفكر في الأمر تذكرت رسالة تلقيتها من أحد العاملين في ماسبيرو, قدم خلالها تصورا لزيادة موارد المبني, وكان من بين الحلول التي قدمها فكرة رفع اشتراك الإذاعة علي فواتير الكهرباء, وقتها لم أكن أعلم أنه يتم خصم هذا القرش اليتيم, وأدركت بالفعل أن هناك الكثير من الحلول التي يمكن أن نلجأ لها لزيادة موارد هذا الكيان الضخم مع بعض الإصلاحات الإدارية والمالية, ومع اللجوء لحلول أخري مثل بيع المواد المسجلة التي يمتلكها هذا المبني وتحصيل قيمة حق الانتفاع بهذه المواد التي تستفيد منها القنوات الخاصة والتي تتداول علنا بدون وجه حق علي موقع اليوتيوب والإنترنت, فسرعان ما يتم حل أزمة ماسبيرو من جذورها وتوفير فائض مالي ضخم دون أن تتكلف الدولة قرشا واحدا في تطويره. وربما يتحول هذا المبني إلي مصدر دخل قومي لا يستهان به.. فالأفكار والحلول كثيرة ولكن ينقصنا فقط إرادة الحل والإيمان بقيمة المبني بدلا من التفكير في تفكيكه والقضاء عليه.