اعطني اعلاما بلا ضمير أعطيك شعبا بلا وعي.. هكذا قال جوزيف جوبلز وزير الإعلام في عصر أودولف هتلر.. وواقعنا الراهن لسان حاله يقول اعطني رجال أعمال بلا ضمير أعطيك إعلاما بلا وعي.. وهو الأمر الذي بتنا نعاني منه منذ ظهور الفضائيات الخاصة التي يمتلكها رجال الأعمال ويحددون توجهاتها تبعا لتوجهاتهم السياسية.. هذه القنوات الفضائية تدار لخدمة مصالح أصحاب رءوس الأموال الذين يمتلكونها حتي أنهم يستعينون بشخصيات تفتقر للمهنية الإعلامية وللمصداقية أيضا علي اعتبار أنهم إعلاميون, وهم لا يمتون للإعلام بصلة علي الإطلاق.. فمنهم من يعتمد علي الجعجعة والصوت المرتفع ومنهم من يتعمد إثارة الفتن ومنهم من ينفذ أجندة الصهيونية العالمية بحذافيرها فيبث سمومه عبر الشاشة وينشر الشائعات.. والمحصلة النهائية هي تغييب الوعي الجمعي وتضليل الرأي العام, وهو ما يصب في مصلحة المخطط الصهيوني العالمي.. فالحرب لم تعد عسكرية فقط كما كانت من قبل ولكنها تنوعت في أساليبها وأسلحتها.. ومن الأسلحة الفتاكة التي يتم استخدامها لإصابة الشعوب في مقتل هي سلاح الإعلام إن لم يكن أخطرها علي الإطلاق.. فخبر واحد كاذب كفيل بهدم وطن بأكمله وتشريد شعبه كما حدث بالفعل في بعض دول المنطقة.. فالعدو لم يعد بحاجة إلي أن يلجأ للحرب العسكرية في الوقت الذي يمكنه تحقيق أهدافه ومخططاته في الدول التي يستهدفها من خلال الإعلام الذي يزيف الحقائق ويزور الواقع ويصنع من الخونة أبطالا, ويجعل من التافهين رموزا في المجتمع فيسهل انصياع أفراده لكل ما يتفوه به هؤلاء من أكاذيب وشائعات قد تصل إلي الإضرار بالأمن القومي.. فالإعلام الخاص أصبح خطرا حقيقيا يهدد الوطن ومواطنيه كذلك.. فكم من نماذج سيئة تم تصديرها للمجتمع من خلال شاشات هذا الإعلام لينشروا أفكارهم الهدامة ويتلاعبوا بعقول المشاهدين لإلهائهم عن قضايا الوطن ومشكلاته الحقيقية والمهمة التي بحاجة إلي توعية الشعب بها ليكون عونا للدولة في مواجهتها والعمل علي علاجها وحلها.. إن كارثة الإعلام الخاص لا تكمن فقط فيما سبق ذكره ولكن أيضا في عدم محاسبة من يعملون به حين يذيعوا أخبارا مفبركة أو يضللوا الرأي العام في قضية ما يواجهونه حسبما يتراءي لمالك القناة لا لما يمليه عليهم الضمير الوطني والمهني خاصة مع عدم وجود وزارة للإعلام تراقب أداء العاملين بها وتحاسب من ينتسبون إليها علي ما يرتكبونه من أخطاء مهنية.. ليغدو الإعلام الخاص بين طرفة عين وانتباهتها مركزا من مراكز القوي بل دولة داخل الدولة قد يعمل القائمون عليه في كثير من الأحيان ضد الوطن ومصلحته وأمنه أيضا.. ونحن نعيش الآن في أزهي عصور الفوضي والعشوائية الإعلامية غير المسبوقة والتي تؤدي إلي مزيد من الانهيارات المجتمعية والأخلاقية بل والأمنية أيضا وهو الأمر الذي أصبح يثير استياء وغضب الكثيرين ممن يمتلكون الوعي والفطنة بما يحاك للوطن من مكائد ومؤامرات.. ولمواجهة هذه المؤامرة الإعلامية التي يحرك خيوطها رءوس أموال عالمية ومحلية تعمل لصالح الصهيونية العالمية لابد من العمل علي خلق إعلام وطني بديل يعي طبيعة المرحلة, وما تتطلبه من إلتزام مهني وأخلاقي ينعكس فيما يقدمه من برامج ومن يستضيفهم من شخصيات, وهو ما لن يتحقق إلا حين يصبح لدينا اقتصاد قوي قائم علي الدولة نفسها لا علي بعض أفرادها من رجال الأعمال الذين لا هم لكثيرين منهم سوي تحقيق المزيد من المكاسب المالية من وراء ما يقدمونه من غثاء إعلامي حتي وإن كان علي حساب دماء أبناء هذا الوطن.