قررت ثلاثون دولة من مختلف قارات العالم الالتزام ببرنامج الأممالمتحدة بحار نظيفة لمنع تلوث مياه البحار والمحيطات, التي تعتبر أكبر حاجز وقائي ضد التلوث البيئي, أكثر من الغابات الاستوائية, فالمحيط هو أكبر مساحة بيئية في الكون, إذ يشكل99% من المساحة الحية في الكون, ويحمل كل أنواع الحياة من أصغر الكائنات الي أكبرها علي الإطلاق; ويضم كل درجات الحرارة من الصقيع الي الغليان; كما أن المحيطات والبحار تمنح الانسان الكثير من أنواع الطعام والثروات الطبيعية, وتؤثر في المناخ والطقس. إن مياه البحار والمحيطات هي الحاجز الواقي الذي يحمي الكون من التلوث; ولكن الانسان دأب علي إلقاء مليارات الأطنان, أو ثمانية ملايين طن سنويا, من المواد البلاستيكية مثل الاكياس والزجاجات وأخري.. والتي تهدد الحياة في المحيطات وخارجها, إذ إنها تكمن في قاع المحيطات فتقتل الأسماك والشعب المرجانية والنباتات, وتطفو علي السطح فتقتل الطيور التي يختلط عليها الأمر وتتصور انها طعام, فتأكلها وتموت; كما تنقل الأمواج كل تلك الملوثات الي شواطئ المحيطات والبحار فتعرض المنطقة وبالتالي الانسان للتلوث والامراض. بالإضافة الي تزايد معدلات الصيد مما يهدد الكائنات السمكية بالانقراض. أدركت الأممالمتحدة الخطر الذي يهدد الحياة في البحار والمحيطات والذي بالتالي يهدد الانسان, فأعلنت الحرب علي تلوث المحيطات, وشحذت كل أسلحتها وجهود30 دولة أعضاء برنامج الأممالمتحدة من أجل البيئة, من أجل تنظيم حملة ضخمة لحماية المحيطات من التلوث, وتنظيفها من كل المواد البلاستيكية التي يلقيها الانسان فيها بكل إهمال وجهل. وأعلنت الدول الثلاثون التي شاركت في البرنامج قرارها بوضع استراتيجية تمتد عدة سنوات, تلتزم من خلالها بتغيير ثقافة أفرادهم وشركاتهم وعاداتهم من أجل التوجه نحو سياسة إعادة تدوير المخلفات البلاستيكية; يشارك في الحملة دول من العالم الثالث مثل كينيا ومدغشقر واندونيسيا والفلبين وجزر المالديف ومن الدول العربية مثل الأردن, ومن الدول الأوروبية, مثل فرنسا. فأين مصر من تلك الحملة؟ قال الخبراء إن مع استمرار تلوث مياه البحر الأحمر فإن خلال عشر سنوات ستموت معظم الشعب المرجانية التي تتميز بها منطقة البحر الأحمر في مصر; وبذلك ستفقد مصر أحد أهم ثرواتها الطبيعية التي حباها الله بها ولم يكن للإنسان يد فيها, إلا في تدميرها. فإن استمرار عمليات التلوث والإهمال التي دأب الانسان علي ارتكابها في حق الطبيعة, خاصة مياه البحار والمحيطات والحياة فيها, سيدفع ثمنها غاليا أبناؤه وأحفاده, والاجيال القادمة كلها, ليس فقط في مصر ولكن في العالم أجمع. هناك تحرك عالمي جاد نحو وضع سياسة حقيقية لحماية البيئة ومياه البحار, من البرازيل وكوستا ريكا الي الفلبين, ومن كينيا ومدغشقر الي فرنسا ومن الأردن الي بلجيكا; هذه الدول جادة يحركها شعور قوي بالمسئولية, ليس فقط علي دولهم وشعوبهم, بل علي الإنسانية والكون ككل, فهل تنضم مصر الي تلك الدول الجادة؟ وهل تبدأ في الشعور بمسئوليتها عن حماية الكون؟