الأفارقة بحاجة إلي عودة الاستعمار جاءت تلك الكلمات علي لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حينما كان يخوض سباق الانتخابات الأمريكية معلنا موقفه العدائي من الدول الإفريقية التي قال عنها إنها تحتاج إلي أكثر من100 عام لتعرف معني القيادة والاستقلال واصفا شعوبهم بالكسالي والأغبياء وإدمان الطعام والهوس بالجنس والعنف, وهو ما اعتبرته مجلة نيوزويك الأمريكية أمرا ليس بالغريب علي ترامب صاحب التوجهات العنصرية والسلوكيات الفظة. وعلي الرغم من تأكيد صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية أن الإدارة الأمريكية تعود إلي القارة السمراء بعد غياب طويل من أجل تعزيز مهام قواتها في دول إفريقيا خاصة النيجر التي شهدت مؤخرا مقتل4 من جنود القوات الخاصة الأمريكية, إثر كمين نصبه تنظيم داعش الإرهابي, فإن الأجندة الأمريكية وتصريحات ترامب تؤكد أن بترول إفريقيا هو المحرك الرئيسي للإدارة الأمريكية التي تحلم بإعادة استعمار إفريقيا. وتتميز القارة السمراء بآبار البترول وبالمقومات الطبيعية النادرة التي أهلتها لأن تكون مسرحا للصراع والتنافس الدولي بين القوي الكبري المتمثلة في الولاياتالمتحدة ودول الاتحاد الأوروبي خاصة فرنسا, بالإضافة إلي الصين التي أثارت قلق واشنطن بعد أن نجحت في توسيع نفوذها في إفريقيا من خلال إقامتها مشروعات اقتصادية واستثمارية بمليارات الدولارات. وخضعت إفريقيا من قبل للاستعمار الأوروبي الذي سيطر علي ما يقرب من93% من الأراضي الإفريقية, ومارس سياسة السلب والنهب والاستعباد والتجويع والاستنزاف لهذه الشعوب الضعيفة. وفي محاولة لبسط سيطرته علي القارة قرر ترامب إرسال السفيرة الأمريكية لدي الأممالمتحدة نيكي هيلي في جولة إفريقية بدأتها بإثيوبيا, وأكدت هيلي خلال الزيارة أن واشنطن تريد استعادة سياستها وعلاقتها بإفريقيا مثلما كان عليه الحال في عهد الرئيس السابق جورج دبليو بوش, وذلك بعد أن انحسرت بشكل كبير خلال الفترة الماضية بسبب الانشغال بقضايا أخري مثل الأزمة النووية مع كوريا الشمالية وكذلك إيران ومحاربة الإرهاب في سوريا والعراق. كما جاءت تصريحات الجنرال جوزيف دنفورد رئيس هيئة أركان الجيش الأمريكي لتؤكد الأطماع الأمريكية في القارة السمراء فقد نقلت عنه صحيفة واشنطن بوست تأكيده أن دول إفريقيا الفقيرة أصبحت مسرحا للإرهابيين الذين يستهدفون القوات الأمريكية ويستغلون مواقعهم في إفريقيا لتجميع صفوفهم, مشددا علي أن بلاده ستخفف القيود المفروضة علي استخدام الجيش الأمريكي القوة المميتة في النيجر, علي غرار ما حدث في مناطق أخري, مثل اليمن وسوريا والصومال, الأمر الذي قد يحول البلاد إلي حمامات دم تستوجب بالطبع تدخل أمريكي لإنقاذ الموقف. ويبدو أن الصحيفة الأمريكية لديها أجندة سياسية واضحة فهي تهيئ الرأي العام إلي أن إفريقيا تعاني من الفقر وضعف الحكام وأنها صاحبة تاريخ طويل من الصراعات الداخلية التي فشل التواجد العسكري الأمريكي الضئيل في حلها حتي الآن, وهو ما يخدم فكرة ترامب بضرورة إعادة استعمار القارة السمراء.