السرطان ذلك الخبيث الذي يعيش كامنا لسنوات ينمو حتي يتمكن و يصير خلايا عدائية خارج نطاق السيطرة, تهدد الحياة هذا الورم داخل جسد الوطن قد بلغ أشده مطمئنا إلي انتشار خلاياه في معظم أجزاء هذا الجسد ولا خيار معه اما الاستسلام والموت وإلا محاصرته والبتر. ورغم أن عملية الواحات حولت مصر إلي سرادق عزاء كبير كل يؤديه وكل يتقبله ولا حديث إلا عن أكبر عملية استهداف لقوات الأمن فيما يشبه الكمين وادلي الجميع بدلوه بدءا من المحللين الاستراتيجيين الي المحللين بالمعامل والمختبرات انتهاء بعم عبده البواب كان لديه أيضا رؤية وبعد أمني في تداعيات الحادث وكل لديه الخطط البديلة والسيناريو وكأنهم يقومون باخراج فيلم اكشن لاحمد السقا. وكالعادة أبطأت الجهات الرسمية في التحرك إلي الناس وتركوهم لساعات طويلة تتقاذفهم المواقع الاخبارية بروايات وارقام ضحايا وتناقل أخبار ومعلومات وتسجيلات عن الحادث وتداولها بينهم اما بمنتهي حسن النية او بمنتهي المكر واسئلة بريئة لنيات خبيثة. ونتيجة هذا ما تحمل غالبا عدم ثقة في البيانات الرسمية اما لفريق يعشق حكاوي القهاوي ويستشعر الاثارة والميلودراما المتوافرة في الاعلام الآخر واما لفريق يجد أن التأخر في الإعلان والمكاشفة يعني فلترة ومونتاجا للحدث ليظهر أقل وطأة من الواقع وفريق يري أن عدم تكذيب أو محاسبة اي موقع يتداول اخبارا وارقاما غير حقيقية في وقت شديد الحساسية وفي ظروف أمنية صعبة لهو اعتراف ضمني بحقيقة كل ما ينشر, فمازال هناك فراغ بين الإعلام الرسمي والمواطن وما زال هناك من يجهل قيمة الوقت في نشر الإشاعة او الخبر فلم يعد أحد ينتظر نشرة التاسعة علي القناة الاولي ولا احد ينتظر صدور الطبعة الأولي من احد الجرائد الرسمية, فالخبر ينتشر ويسري مسري النار في الهشيم في دقائق معدودة. انها حرب نفسية أخري تدور رحاها علي مواقع التواصل الاجتماعي لاتقل خطورة عن الاسلحة الثقيلة التي يحملها الإرهاب وحرب استنزاف لأي طاقة إيجابية ليكون البديل احباطا ويأسا ومافيش فايدة, فنقاب الحزن الأسود يغطي كل الوجوه فلا تعلم الحزين من الشامت ولا تدري ومن يعضدك ممن يفتتك,, أيها دموع الحزن وايها دموع التماسيح؟ نختلف مع النظام أو نعارض سياسات حكومة فهذه قضية إما أن نزعزع الثقة بكل شيء فهذه جريمة, شفافية المعلومة حق أصيل ولكن اي معلومة و في أي وقت تصلح لهذا الطرح أوهذا الحق ؟ وإذا كانت كل المعلومة يجب أن تكون متاحة فما هي المعلومات التي يجب أن تحتفظ بسريتها ؟ الحرب مع الإرهاب ليست هي الحرب مع عدو معروف ولم تعد مجرد مواجهة مع قنبلة أو سيارة مفخخة او حزام ناسف, انها عصابات مزودة باسلحة حرب ثقيلة متقدمة ومدرب عليها و تلعب المعلومة دورا خطيرا في تحركاتهم, والاعلان عن كل التفاصيل في بعض الظروف الخاصة يعد حالة من السذاجة اذا طالبنا بها, وأيان ما كان الخطأ المسؤل عما حدث فمن حقنا تفسير منطقي ولماذا اختلف الطريق الي ايلات عن الطريق الي الواحات, حقنا برد الصاع صاعين وحقنا بالثأر والقصاص, نعم, ليس علينا تحديد المسار ولا آلياته ولكن علينا ان نطالب بالوصول إلي هدفنا في القضاء علي الارهاب او علي اضعف الايمان تحجيمه, وهذا لا يقلل من شأننا فلكل دوره كما ارتضيناه وبدأنا به معا الطريق..