يبدو أن واشنطن قررت أن تلجأ الي استخدام سياسة العصا والجزرة في التعامل مع كوريا الشمالية ففي الوقت الذي اشتدت فيه حدة الحرب الكلامية بين البلدين, خرج أمس وزير الخارجية الامريكي ريكس تيلرسون ليؤكد أن الرئيس دونالد ترامب وجهه بمواصلة الجهود الدبلوماسية لتهدئة التوترات المتصاعدة مع كوريا الشمالية مضيفا أن هذه الجهود الدبلوماسية ستستمر لحين إسقاط أول قنبلة, ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه نائب رئيس البرلمان الكوري الشمالي, آن دون تشون, أن بلاده مستعدة لسحق كل من يقف في طريق وصول شعبها للسلام, مؤكدا أن الكوريين يريدون مستقبلا سلميا, ورغم ذلك فهم علي استعداد لسحق هؤلاء الأعداء الذين يريدون منعنا من هذا المستقبل. وسلطت الصحف العالمية الضوء علي الاستراتيجية الجديدة التي تتبعها واشنطن في التعامل مع الأزمة الكورية والتي بدأت تدخل منحني خطير بعد التهديدات العسكرية التي أطلقتها البلدان, ومن جانبها أكدت صحيفة نيويورك تايمز الامريكية أنه للمرة الأولي تعترف الإدارة الأمريكية بفتح قنوات اتصال مباشرة مع بيونج يانج لمنع وقوع حرب يروح ضحيتها الآلاف, ورغم ذلك فإن بيونج يانج ترفض الرد أو التفاوض. ويبدو أن الرئيس الأمريكي يسير علي درب الرئيس السابق باراك أوباما الذي نجح في فتح قنوات اتصال مع الرئيس الإيراني حسن روحاني مما أفضي إلي ابرام اتفاق نووي يحسب له, وعلي الرغم من رفض ترامب لهذا الاتفاق معتبر أنه ليس له قيمة متعهدا بالغائه, فإنه يسعي الآن إلي ابرام اتفاق مماثل مع بيونج يانج, و علي الرغم من تأكيدات ترامب بأن التفاوض مع كوريا مجرد مضيعة للوقت فإنه اعترف بمحاولة التواصل المباشر مع قادتها لتجاوز تهديدات المواجهة العسكرية المتصاعدة بين الجانبين والتي يخشاها شعوب وحكام الدولتين. ويمكننا التأكيد علي أن أزمة بيونج يانج تعد الأخطر بالنسبة لأمريكا من إيران التي لم تكن تمتلك سوي برنامج نووي قد يقودها للحصول علي اسلحة نووية في وقت تمتلك فيه كوريا الشمالية اسلحة نووية وترسانة نووية متطورة, وهو ما يؤكد ان الاتفاق النووي قد يكون بعيد المنال في الوقت الحالي لتمسك بيونج يانج بأن تصبح نووية لكنه ليس مستحيلا, وهو ما اكده وزير الخارجية الامريكي الذي اكد انه من الصعب إبرام اتفاق نووي مع بيونج يانج. وتأتي تلك الإستراتيجية الأمريكية كمحاولة أخيرة لرأب الصدع في العلاقات بين البلدين خاصة بعد تأكيد تيلرسون أن العقوبات الاقتصادية بدأت أخيرا تؤتي ثمارها, كما يري الصينيون أن مفعولها بدأ يظهر جليا, في وقت يري فيه المحللون انه رغم فتكها بالاقتصاد الكوري فإنها لن تغير سلوك الشمال. واستطاعت كوريا الشمالية رغم تلك العقوبات من تطوير قدراتها العسكرية وهو ما جعلها عدوا مرعبا لامريكا والغرب ايضا, لانها استطاعت رغم ارتفاع معدلات الفقر من تطوير اسلحتها النووية, الامر الذي ادي الي تعميق حدة التوترات بين الولاياتالمتحدة وحلفائها مثل اليابان وكوريا الجنوبية الذين ضاقوا ذرعا من تهديدات بيونج يانج المتصاعدة والتحرك الامريكي البطئ.