صرخات استغاثة أنقذوا إسرائيل كانت الرسالة التي أرسلتها جولدا مائير رئيسة وزراء اسرائيل لأمريكا وفي اول مؤتمر صحفي وفي لغة مختلفة عما اعتاد العالم العربي سماعه من غطرسة القوة الاسرائيلية ان اسرائيل دولة صغيرة تريد السلام وموشي ديان وزير الدفاع الإسرائيلي في بيان له إن إسرائيل تخوض الآن حربا لم تحارب مثلها من قبل إنها حرب ثقيلة بأيامها و ثقيلة بدمائها!! ومكالمة هنري كيسنجر لوزير خارجية مصر د. محمد حسن الزيات محذرا من خطورة وقسوة الرد الإسرائيلي الذي لن تحتمله مصر وسوريا وكان الرد صفعة برفض طلبه بوقف إطلاق النار فورا وعودة القوات المسلحة إلي خطوطها السابقة. فهذه المرة كان كل شيء مختلفا وسيناريو نكسة 67 لن يتكررهزيمة نفسية وعسكرية ومرارة وانكسار وانتهاك مستمر للأجواء المصريه وقتل اطفالنا بمدرسة بحر البقر, الحرب التي تغنت بها إسرائيل بعد أن أصبح العمق الاستراتيجي 400 كم بعد ان كان 120 في أقصي اتساعها مما أعطاها مزيدا من الاطمئنان لقوة تأمين حدودها ومزيدا من الاستهانة بنا في تصريح شمشوني لموشي ديان رافعا رأسه تكبرا( من كان يحلم بأمن كهذا أو بحدود كهذه في أسبوع واحد فقط) هو نفسه الذي طأطأ رأسه في الساعة الثالثة بعد ظهر السادس من أكتوبر قائلا( لم أقدر جيدا قوة العدو وبالغت في تقدير قوتنا). ومن يتصور ان حرب اكتوبر كانت هي تلك المشاهد والسيناريوهات التي جسدتها السينما المصرية في عدة افلام سطيحة أو ساذجة أو كانت جزءا من احداث فيلم روائي فهو لم يعرف عن تلك العبقرية العسكرية سوي قشورها, لم يدرك استحالة تنفيذ أي تحرك عسكري تحت مرمي بصر ونيران العدو وإعلام عالمي يصدر صورة خماسية الإبعاد عن قوة جيشها وتكنولوجيا واحدث تسليح ومانع مائي مخيف وساتر لايقهر يدعي بارليف وترهل عربي ووهن عام.. الخداع الاستراتيجي كان البطل والسادات سرب استعداده للحرب في مايو العام نفسه وصدقوه وحشدوا جيوشهم بينما كان هو في في حالة استرخاء تام وفي أغسطس في العام نفسه كرر الشيء نفسه وكان رد الفعل في إسرائيل هو نفس ما صنعوه في مايو فأعلنوا التعبئة العامة وعندما سئل موشي ديان بعد حرب أكتوبر لماذا لم تعلن التعبئة في أكتوبر اجاب أن السادات قد دفعني إلي هذا مرتين من قبل مما كلفني في كل مرة عشرة ملايين دولار دون جدوي فلما جاءت المرة الثالثة ظننت أنه غير جاد, وعشرات الخدع السمعية والبصرية ابتلعتها المخابرات الإسرائيلية حتي كانت الساعة الثانية بعد الظهر في شهر الصيام ويوم عيد الغفران!! الحرب بمضخات الماء وليس بالصواريخ العابرة للقارات هو وسلاح استثنائي لجيش استثنائي مع كل هذا القهر وإحكام السيطرة علي أنفاسنا علي الجبهة وسهولة اصطيادنا نفر نفر ونحن نفكر في مجرد الاقتراب كان واقعا وحرب غير متكافئة أقرب إلي المقامرة بكل شيء بالجيش والبلد وكل مانملك من بقايا ماء الوجه أو الكرامة. حرب أكتوبر ليست قوة آلة فقط بل حرب في عقول بشر مثل الشطرنج البقاء للأذكي البقاء للعقيدة, فلا مفر اما النصر وإما البقاء لله فماذا يعرف أبناؤنا عن هذا الإعجاز؟ ومتي يتم انتاج عمل سينمائي بضخامة هذا النصر يعطي لكل ذي حق حقه ويعي اولادنا ماحدث ان ماحدث في ست ساعات بعد ان طمس الضباب الضوء الباقي من هذا النهار وكيف يصل اليهم هذا الجد وسط كل هذا الهزل الاحتفالي بالانتصار؟