هل من الممكن أن تشكل انسانا كما تريد وتتلاعب بمصيره فتجعل منه كائنا متوحشا أقرب للحيوان منه للانسان؟, إذا حبست طفلا في أول وأهم مرحلة من حياته وهي التي يتعلم فيها المشي والكلام واستيعاب كل ما حوله وعزلته تماما عن العالم, سينمو يوما بعد يوم دون أن يتعلم هذه الأساسيات وسيتحول لإنسان بدائي. كاسبر هاوزر شخصية ألمانية شهيرة تضاربت الأقاويل حولها, وأوحت للكاتب الشهير بيتر هاندكة للكتابة عن هذه الفكرة وهي ما يمكن أن يحدث للانسان إذا تم عزله عن العالم في أهم مرحلة من حياته, مستخدما احدي الحكايات التي ترددت عن كاسبر, وقدمه كشاب بدائي لا يعرف المشي ولا الكلام نتيجة لتعرضه لتجربة علي يد عالم قام بحبسه منذ الصغر في قبو منعزل عن العالم الخارجي وكان يستيقظ من النوم فيجد الطعام والشراب بجانب فراشه. قدم المخرج أحمد عزت الألفي رؤية جديدة لهذا النص مساء أمس تحت عنوان التجربة في حفل ختام الدورة ال24 لمهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي من إنتاج مكتبة الاسكندرية, وقسم شخصية كاسبر ل4 شخصيات رجلان وإمرأتان يجري عليهم عالم مجنون التجربة بعد أن حبسهم في قبو لسنوات ويبدأ في تعليمهم أساسيات الحياة بداية من المشي والكلام والتعرف علي الالوان والأشياء وتعلم القراءة, وتنشأ بينهم صراعات بعد أن يتعرفوا علي الحياة. واعتمد الألفي في تقديم رؤيته بشكل أساسي علي الأداء الحركي وديكور بسيط يمثل القبو وفي الخلفية كاسبر اخر بعد ان تحول هو نفس للعالم الذي يقود التجربةو ترتدي الشخصيات الملابس البيضاء التي تتلون بعد ذلك بألوان مختلفة في مشهد تعرفهم علي الالوان مستخدمين رشاشات مياة ملونة. بدأ حفل ختام المهرجان بعزف مقطوعات موسيقية علي العود العربي لفرقة اوركسترا بيت العود التي اسسها الفنان العراقي نصير شمة وتحت رعاية صندوق التنمية الثقافية, وقدم الحفل الفنان محمد عادل والفنانة الأردنية أمل دباس, وغاب عنه وزير الثقافة حلمي النمنم وقيادات الوزارة وحضر رئيس المهرجان د.سامح مهران و المنسق العام ناصر عبد المنعم. وقال د.سامح مهران رئيس المهرجان في كلمته إن هذه الدورة شهدت تجارب مميزة من المسرح النسوي والمسرح التفاعلي والرقص المعاصر ومسرح المصارعة وحرب العصابات وفنون الأكروبات, إلي جانب مناقشات المحور الفكري حول الحوار بين التراث والمدينة وأشكال المسرح المعاصر والخطاب السائد في المسرح, مشيرا إلي أننا تختتم دورة ونستعد لدورة جديدة وهو الدورة ال25 للمهرجان المقرر اقامتها العام المقبل وتمثل محطة فاصلة من حياة المهرجان مع الاحتفال بيوبيله الفضي. للعام الثاني علي التوالي حضر الكاتب والمخرج النيجيري فيمي أوشيفسيان, فبعد أن كان من بين المكرمين في دورة العام الماضي حضر هذا العام لتقديم محاضرة للشباب عن الكتابة المسرحية مستخدما أحد أعماله كنموذج, وفي حفل الختام قال فيمي كلمة باسم الوفود المشاركة أشار فيها إلي أهمية دور المهرجان لتلاقي الأفكار بين المشاركين من أنحاء مختلفة من العالم وتوجيه نظر الآخر إلي العالم الخاص بكل منهم, مؤكدا أنه فوجيء بهذا الكم من التدفق في النشاط المسرحي العربي, وهو ما يخالف الانطباع الذي تولد لديهم في نيجيريا من أن الإسلام معاد للأنشطة الثقافية مثل المسرح والرقص نتيجة لامتناع المسلمين هناك عن المشاركة في هذه الأعمال, ومشيرا إلي أنه من المثير للإعجاب أيضا كم المواهب النسائية التي ظهرت في عروض المهرجان هذا العام وجعلت منه مهرجانا للمواهب النسائية. بينما قدمت شادية زيتون نقيب الفنانين اللبنانين كلمة الوفود العربية وقالت فيها أن مهرجان القاهرة من أعرق المهرجانات المسرحية التي تبحث عن المختلف والحقيقي والمختلف عليه.