أربعون عاما مضت عندما غادرت ذلك المكان المورق بالأشجار والورود وصيحات الأطفال في الفصول تردد خلف المعلمين, مازالت رائحة الندي ونسمات الصباح ونحن نحي العلم في الطابور تسكن أنفي نضرب الأرض بأرجلنا الغضة نحدث دويا بريئا وأصواتنا ترتفع إلي السماء تحيا جمهورية مصر العربية تهتز لها قلوب الآباء في البيوت إنها مدرسة الشهيد خليل الضمراني أشهر مدرسة ابتدائي في محافظة سوهاج منذ إنشائها أواخر السبعينيات تكريما للشهيد الضمراني, كانت ضربات قلبي الذي قارب علي الخمسين تقفز تسابق قدماي للداخل, تلاشت سنوات العمر وبقي الإحساس الطفولي بمتعة الوجود في مدرستي وإرهاصات الوعي الأولي في الحياة ولكن الصدمة كانت مروعة فلم يكن هناك أي ملمح من ملامح الخضرة الغناء ولا الورود تنتشر في المكان, احتلت الكتل والأشباح الأسمنتية فناء المدرسة وحديقة المدرسة وكل ملامح الجمال فيها وبسذاجة تساءلت عن هذا الاختلاف وكانت الإجابة كان حتمية بناء فصول جديدة تستوعب كثافات التلاميذ وقيل لي إن آخر هذه التطويرات تخصيص محافظ سوهاج الدكتور أيمن عبد المنعم750 ألف جنيه لإنشاء17 فصلا جديدا بالمدرسة وبالطبع علي حساب ما تبقي من رئة متواضعة يتنفس فيها التلاميذ الصعداء في الفسحة. لست ضد تطوير المدارس وتوسعة الفصول الدراسية بقدر حرصي علي فعل ذلك دون أن نغفل أهمية فناء المدرسة ومساحة الخضرة فيه فهو رئة المدرسة ومصدر الحيوية فيه وهناك من الحلول ما يمكن معه تحقيق ذلك وحل المعادلة الصعبة فإن لم يمكن التوسع الأفقي بإضافة مساحات للمدارس دون الإخلال بنسبة المساحة الخضراء أو الفناء يمكن التفكير في فكرة التوسع الرأسي وفق مخطط هندسي يتناسب مع كل مدرسة. و لعل حصص مثل الموسيقي والألعاب والنشاط المدرسي اختفت لعدم وجود مساحة مكانية كافية لها في الوقت الذي تكمن فيه أهمية نشاطات الطلاب ومرحهم لخلق جيل متوازن نفسيا مقدم علي الحياة غير حانق عليها. أثمن قرار الدكتور أيمن عبدالمنعم في تطوير مدرسة الضمراني وأثمن الدور الذي تقوم به هيئة الأبنية التعليمية بوزارة التربية والتعليم في التوسع ببناء فصول جديدة بالمدارس ولكن لابد وأن يشمل التطوير وجود فناء ومساحة خضراء مناسبين حتي تعود للمدارس صورتها الجمالية التي عهدناها بها.