في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة وقعت المواجهة الحاسمة بين وزراء خارجية دول المقاطعة ووزير الخارجية القطري, وهي المواجهة التي تستحق الاشادة والتحية لانها تدل علي حالة اليقظة التي باتت فيها دول المقاطعة حيال هذا الملف بشكل خاص كما أنها تؤكد ما تتمتع به دول المقاطعة من إصرار علي ما وضعته من مبادئ ومطالب علي الطاولة القطرية, برغم محاولات الضغط الرخيصة التي تعاني منها دول المقاطعة في محاولة لاثنائها عن مطالبها المشروعة في التمتع بالأمان والاستقرار, سواء تمثلت تلك المحاولات في تنفيذ بعض العمليات الإرهابية علي أراضي دول المقاطعة أو في الزج بمنظمات دولية لإثارة قضايا تهم الرأي العام العالمي كحقوق الانسان علي سبيل المثال لا الحصر. وقد كانت كلمة وزير خارجيتنا ذات طبيعة خاصة لم نشعر منها فقط مدي غيرته الوطنية, ولكنها ايضا حملت عبارات توضح ضمنا أن مصر قد فاض بها الكيل من تصرفات قطر, وعلي الرغم من انتقاد البعض لما ورد بكلمة السيد سامح شكري, إلا أنني أعتقد أن هناك من الأمور التي لا يجب إلا أن تؤخذ بذلك الحزم والحسم اللذين أبداهما وقد اندهشت لبعض المقالات التي حملت تلك اللهجة الساخرة من احتجاج وزير خارجيتنا في حديثه بأننا أصحاب حضارة السبعة آلاف عام علي اعتبار ما تعانيه البلاد من أزمات اقتصادية واجتماعية, بل ووصل الأمر ببعضهم لتذكيرنا بما لم ولن ننساه ألا وهو استدانة مصر من بعض الدول العربية الشقيقة ومن البنك الدولي وذلك سيرا علي تلك النغمة التي يعزفها البعض وتجد لها جمهورا من المؤيدين, تلك النغمة التي تحوي مضمون تسفيه قيمة الاستناد علي ما أنجزه الاقدمون في تاريخ مصر القديمة بالنظر لمعاناة الحاضر وهي النغمة التي تهدف إلي هدم أي منجز يحمل الطابع المصري قديما. إن تسفيه البعض الاستناد علي منجزات الحضارة المصرية القديمة يجب أن ينظر إليه بمثابة جريمة الخيانة العظمي التي تقتضي أن يحاسب عليها القانون, والواقع فإن المدهش في الأمر أن هؤلاء الذين سخروا من افتخار وزير خارجيتنا بحضارتنا القديمة يعلمون تمام العلم أن هناك من الدول التي تحاول بشتي الطرق أن تبحث لذاتها عن تاريخ وحضارة حتي تصبح علي أرض صلبة حتي وإن كانت ليست بنفس درجة صلابة الأرض التي تقف عليها الحضارة المصرية القديمة التي اعترف عتاة الحضارة اليونانية القديمة بقدمها وأصالتها وقيمتها كمعلمة للحضارة اليونانية القديمة نفسها أمثال هيرودوت أبو التاريخ وافلاطون وأرسطو وغيرهم الكثير ولا أستطيع في حقيقة الأمر أن أفهم أو أن أجد تفسيرا علميا منطقيا يبرر لهؤلاء تسفيه حضارتنا وتاريخنا القديم بعدم الاعتداد به علي خلفية تدهور بعض أحوالنا حديثا, فكل الأمم تمر بمراحل ازدهار وتطور, وكذلك مراحل تدهور ولنا في الإمبراطورية الرومانية أسوة ومثل حي لن يموت, تلك الامبراطورية التي بلغت شأوا عظيما ثم تدهورت وانهارت بعد انقسامها, فهل تدهور الامبراطورية الرومانية وسقوطها يمنع الايطاليين من الافتخار بماضيهم العظيم بما حمل للحضارة الانسانية العالمية من منجزات عالمية لازالت تعرف بهم ؟ ورغم أن ايطاليا لم تصل في تاريخها المعاصر لما وصلت إليه الامبراطورية الرومانية من قوة اقتصادية وعظمة سياسية وسيادة عسكرية إلا انني لم أسمع قط لديهم تلك النغمة التي فتحت كلمات وزير خارجيتنا الباب لها.