شهد العالم علي مدي السنين عددا لا يحصي من الجرائم والمجازروالحرائق البشعة والمهولة التي يشيب لها الولدان, بداية من مشهد أصحاب الأخدود الذين ألقاهم المجرمون في نار ذات وقود, مرورا بمجزرة صبرا وشاتيلا عام1982, عندما قام جيش الاحتلال الإسرائيلي باقتحام مخيمات اللاجئين الفلسطنيين في لبنان, وقامت ثلاث فرق مسلحة بذبح الأطفال وقتل الرجال والشيوخ واغتصاب النساء, وليس انتهاء بالمجازر التي يتعرض لها مسلمو الروهينجا في بورما, ما بين قتل وسحل وحرق وتشريد علي يد السلطات في هذه المملكة البوذية. إن المجزرة الأخيرة تؤكد أن الضمير العالمي أصيب بالسكتة القلبية, وشرايين الأممالمتحدة ومجلس الأمن قد تجلطت, والخرس أصاب منظمات حقوق الإنسان العالمية, إذ أثبت الواقع العالمي الذي نعيشه, أن هذه المنظمات الدولية بما فيها الأممالمتحدة ومجلس الأمن مجرد أراجوز في يد أمريكا والدول الكبري تحركه وقتما تشاء وفقا لرؤيتها, وبغرض تحقيق مصالحها, ولتذهب حقوق الإنسان التي يتشدقون بها ليل نهار إلي الجحيم. إن صور القتلي والجثث الممزقة, ومشاهد حرق الأطفال ودهسهم بالأقدام, ليست إدانة لنظام ميانمار ضد الأقلية المسلمة فقط, ولكنه إدانة للنظام العالمي بكل مؤسساته ومنظماته وأممه المتحدة ودوله, كما أنه إدانة للبشرية كلها, ودليل علي تخلف ورجعية النفس البشرية وعودتها إلي العصر الحجري, بعد أن أصابتها التكنولوجية الحديثة بلوثة عقلية أفقدتها آدميتها, وهوت بمثلها العليا وضميرها الذي كان فيه بعض من حياة إلي قاع الجحيم. أين مجلس الأمن والأممالمتحدة, مما يحدث الآن من انتهاكات ضد مسلمي الروهينجا, علي يد القوات البورمية, التي تقذفهم بلا رحمة بمدافع الهاون والأسلحة الرشاشة, وهم يفرون من الموت من ولاية راكين في شمال بورما إلي بنجلاديش, ولماذا لم تتدخل قوات حلف الناتو كما فعلت في ليبيا؟, ولماذا لم تتدخل أمريكا كما قامت بغزو العراق من قبل بحجة امتلاك صدام لأسلحة دمار شامل؟. لم ولن تتدخل قوات حلف الناتو ولا أمريكا لأن الأخيرة وراء كل ما يحدث الآن في العالم من قلاقل وفتن ومؤامرات وغيرها, وثورات الدمار والخراب العربي ليست ببعيد, وكل الدلائل تشير إلي أن هناك أيادي دولية خفية تلعب من وراء الستار في مأساة مسلمي الروهينجا في أقليم راكين بميانمار, الذي يقع بالقرب من الصين والهند, خاصة وأن هذا الأقليم يعوم علي بحيرة من الثروات الطبيعية, أي يشبه إلي حد كبير العراق وليبيا, ولا يخفي علي أحد الدور المشبوه لحروب الجيل الرابع في محاولة عرقلة النمو الاقتصادي الطاغي لكل من الصين والهند, وإلا بم نفسر وقوع كل هذه المجازر الوحشية ضد المسلمين بهذا الإقليم بالذات من بين أقاليم ميانمار الستة, هل هذا مجرد صدفة, أم مخطط شيطاني لإثارة القلاقل علي حدود الصين والهند, كما حدث مع روسيا من قبل, وقامت الشيطانة الكبري أمريكا بخلق إبليس طالبان في أفغانستان علي حدود روسيا. وبالرغم من رفضنا وإدانتنا لكل ما يتعرض له مسلمو الروهينجا من مجازر وحشية, فإننا نرفض في الوقت ذاته ما يتم تداوله من صور مفبركة ومختلقة لا أساس لها من الواقع علي مواقع التواصل الاجتماعي, لضحايا الإعصار الذي ضرب بورما2008, وزلزال هايتي2010, علي أنها صور حديثة للاعتداءات الوحشية التي يتعرض لها مسلمو ميانمار.