عمل الطاعات في الأيام المباركة وتقديم حقوق الله من أسهل ما يكون علي المسلم وهو ما نراه بأعيننا في العديد من المواسم مثل صيام شهر رمضان ثم اتباعه بستة من شوال وكذلك موسم الحج الذي تكثر فيه الطاعات والتقرب إلي الله جلا وعلا بالأعمال الصالحات وكثرة الدعاء وصيام تسعة أيام ثم يتبعه صيام يوم عرفة لمن لم يكتب له الذهاب لقضاء الفريضة وكذلك صيام عاشوراء والصلاة والعطف علي الفقراء وتقديم يد العون للمحتاج كلها أمور تخرج من داخل المسلم بتلقائية وتقرب إلي الله ولكن الأهم من هذا هو المداومة علي الطاعة التي ذقنا حلاوتها وعرفنا كيف هي يسيرة علي المسلم لا تكلفه إلا القليل ليكسب منها هو الكثير من فضل ونعم وبركات وحسنات من الله عز وجل والسؤال الذي حير الكثيرين هو طالما الطاعة تسبب السعادة للمسلم بل إنه يؤديها بكل حب وهو راضي النفس والسريرة فلماذا إذن ينصرف البعض عنها وما هي الخطوات التي يمكن أن يتبعها المسلم في حياته ليداوم علي الطاعة. اغتنموا الفرص..هذا ما قاله الدكتور حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون سابقا- وأشار إلي قول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم إن لله في أيام دهركم نفحات فتعرضوا لها لعل أحدكم أن تصيبه منها نفحة لا يشقي بعدها أبدا. ويقول في هذا الحديث إن الله أراد أن يمنح عباده فرصا طيبة ليستعيدوا فيها نشاطهم التعبدي فمنحهم شهر رمضان ومنحهم الحج حيث يرجع المسلم بعد أآداء الفريضة كيوم ولدته أمه ليس عليهم أي ذنب كما منحهم الجمعة كفارة ما بين الجمعة والجمعة كما منحهم الصلاة يكفر بها ما بين الصلاة والصلاة وهكذا شأن المؤمن دائما يعطيه الله سبحانه وتعالي قوة جديدة وشحنة جديدة تقويه علي المسيرة في حياته فلا شك أنه بعد أن يصلي الفرد يظل في عبادة الله وطاعته حتي يحل موعد الفرض التالي والرابع والخامس وهكذا وكذلك من الجمعة إلي الجمعة وصيام عرفة الذي يكفر سنتين سنة ماضية وسنة قادمة. وأضاف ابوطالب أن الله يمنح المسلم منحا تكفل استقامته طوال حياته,غاية المسلم أن ينتهز هذه الفرص ويستمر علي هذه الشحنة الروحية القوية بعد انتهائها ويسير علي هديها مدة طويلة حتي يلتقي بالمنحة التالية. ويحث ابو طالب المسلمين أن يستغلوا هذه المنح جميعا,وأن يستغلوا كل الفرص التي أتاحها له الإسلام حتي يظل سائرا بنور الإسلام وبرحمة الله وكنفه إلي يوم أن يلقي الله. وطالب الشيخ عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوي الأسبق بالأزهرالشريف بضرورة تدريب المسلم لنفسه علي الطاعة وقال خير العمل ما داوم عليه صاحبه وإن قل كما قال الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم مؤكدا أن المسلم الحقيقي هو من يخرج من طاعة إلي طاعة, فإذا ما خرج من رمضان استقبل أشهرالحج ثم يستقبل بعدها فضل المحرم والعشر الأوائل منه والنبي صلي الله عليه وسلم دائما وأبدا كان يحث أصحابه علي أن يقوموا بالعمل قدر ما يستطيعون لأن الإنسان إذا عبد ربه فترة من الفترات فتر بعد ذلك فخسارته تكون كبيرة ولذلك كان صلي الله عليه وسلم يتخول أصحابه بالموعظة مخافة السأمة الملل. ونصيحة الأطرش للمسلم أن يتعهد نفسه بالمداومة علي العبادة التي يقوي ويقدر عليها. وحذر من يخرج لآداء فريضة الحج ثم يعود كما يقال خرج قدوما ورجع منشارا.. فهذا الذي لم يستفد من عبادته لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال إنما الأعمال بالخواتيم, فعلي المسلم أن يداوم علي الطاعة في العبادة ويعلم أن رب رمضان هو رب شوال وهو رب ذو القعدة والمحرم وما إلي ذلك, فالمسلم الحقيقي هو من يعاهد نفسه بالطاعة ولا يتخلي عن عبادته لربه في فترة من الفترات ويكون الأجل المحسوم قد جاء وهنا يقول النبي صلي الله عليه وسلم إنما الأعمال بالخواتيم وعلي المسلم أن يسأل الله له حسن الخاتمة. وطالب الأطرش من كتب الله له الحج ورزق أداء الفريضة وقال لبيك اللهم لبيك أن يحافظ علي امتنان الله له لأنه خرج من ذنوبة كيوم ولدته أمه ولا يعود إلي المعاصي أبدا لأن الراجع عن الطاعة كالمستهزئ بأمر الله. وقال الدكتور عبد الراضي عبد المحسن وكيل كلية دار العلوم-أن لله عز وجل مواسم للطاعات لكي يتدرب عليها الإنسان لتنفيذ الأوامر الإلهية وعندما يبدأ الإنسان بالطاعة التي يضاعف فيها الثواب وترفع فيها الدرجات ويكفر الله فيها السيئات بعد أن تنقضي هذه الأيام قد نشاهد عدول البعض من الطاعة إلي المعصية وقد ارتد وعاد كما كان مع أنه ينبغي علي المسلم الذي ذاق حلاوة الطاعة والقرب والأنس لله أن يزيد من الأعمال الصالحة التي تقربه من مولاه ولكن الشيطان يصرف الكثير حتي ينغمسوا في بحر الذنوب والآثام مع أن النبي صلي الله عليه وسلم طالب المسلمين بالتعرض لنفحات الله في الأيام المباركة وأضاف عبد المحسن أن الإنسان عندما يتصالح مع الله ويتوب ينعقد له فرحا في السماء وتنادي الملائكة هنئوا فلانا فقد تصالح مع مولاه والله عز وجل يقول إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقامو تتنزل عليهم الملائكة لكي يطمئن كل من بدأ السير في الطريق إلي حلاوة طاعة الله جل وعلا. ويضيف أن كثيرا من الناس بعد أن يعود من الحج أو ينتهي من الصيام أو من العشر الأوائل من ذي الحجة يظن أن موسم الطاعات قد انتهي وأنه يجب أن يعود لحياته التي كان يعيشها قبل ذلك ولكن هذا خطأ كبير يرتكبه المسلم وعليه أن يستمر في طريق الطاعة تقربا إلي الله وإلي مرضاته.