في أقل من أسبوع وقع حدثان لهما دلالات خطيرة, الأول في غزة عندما فجر داعشي يدعي جمال كلاب نفسه بحزام ناسف في نقطة أمنية قرب معبر رفح بين مصر وقطاع غزة, وأسفر عن مقتل نضال جمعة الجعفري وهو عنصر أمني من حركة حماس وإصابة أربعة آخرين, أما الحدث الثاني فكان اندلاع اشتباكات عنيفة بين مسلحين من داعش والفصائل الفلسطينية الأخري في مخيم عين الحلوة قرب مدينة صيدا في جنوبلبنان وكشفت التحقيقات أن عناصر داعش في المخيم كانت تخطط لعمليات تفجير واسعة في لبنان, تشمل مقار للجيش اللبناني وشخصيات سياسية, من بينها أسامة سعد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري, بالإضافة إلي تفجيرات في الضاحية الجنوبية لبيروت أهم معاقل حزب الله. وتزامنت الاشتباكات مع انطلاق العمليات العسكرية للجيش اللبناني لتحرير جرود عرسال من احتلال تنظيم داعش. يطرح الحدثان سؤالا يحير الكثير من الفلسطينيين حول اتجاه البندقية الفلسطينية وكيف أنها انحرفت عن القضية الرئيسية المتعلقة بتحرير الأراضي المحتلة ومقاومة الإحتلال الإسرائيلي, وهو الهدف الذي كان يجمع كل التنظيمات الفلسطينية, حتي تلك التي اختارت التفاوض بدلا من السلاح كانت تؤكد دوما أن المقاومة لها هدف واحد وغاية واحدة هي تحرير الأراضي الفلسطينية المحتلة. وحتي منظمة حماس المرتبطة بجماعة الإخوان ظلت تؤكد تمسكها بهذا الهدف حتي أطل ما يسمي بالربيع العربي, فاختلت التوازنات, وانحرفت الأهداف, وصارت الحروب تستهدف الجيوش والدول العربية لإقامة ما يسمي الإمارات الإسلامية, سعيا إلي دولة الخلافة, ورغم أن جماعة حماس كانت تحصل علي معظم الدعم من سوريا, ومقرها الرئيسي في دمشق إلا أنها حملت السلاح ضد الجيش السوري وأعلنت تأييدها للجماعات المسلحة التي أعلنت أنها تستهدف إقامة دويلات إسلامية, وها هي جماعة حماس تتعرض لنيران الجماعات التكفيرية التي تحالفت معها, مثلما تعرضت الجماعات الإخوانية المسلحة الأخري في إدلب والغوطة وغيرها لنيران حروب التصفية بين جماعات االمجاهدينب الذين يقتل بعضهم البعض بفتاوي تدعي كلها أنها تستند لصحيح الدين. انتشرت الخلايا الداعشية في المخيمات الفلسطينية في غزةولبنانوسوريا عقب أحداث االربيع العربي, وتحولت مجموعات سلفية من الدعوة إلي القتال ضد المرتدين, حتي أن والي إمارة الرقة السورية دعا الدواعش في مخيم عين الحلوة في جنوبلبنان إلي مقاتلة المرتدين, وتشمل قائمة المرتدين قتال اللبنانيين والفلسطينيين وكل من لا يبايع تنظيم داعش. لم تكن اشتباكات مخيم عين الحلوة بين الدواعش والفصائل الفلسطينية هي الأولي, ويبدو أنها لن تكون الأخيرة, فقد شهدت معظم المخيمات الفلسطينة في سوريا معارك بين مسلحي داعش والفصائل الفلسطينية, وسيطر داعش علي معظم مخيم اليرموك جنوبدمشق, واندلعت معارك مماثلة في لبنان, وكانت التعليمات الصادرة من قيادات داعش تدعو إلي تجنيد الفلسطينيين في باقي المخيمات الفلسطينية في لبنان للمشاركة في إقامة إمارة إسلامية, ومحاربة باقي الفصائل الفلسطينية, ثم مهاجمة الأراضي اللبنانية والجيش اللبناني والمقاومة اللبنانية. هكذا عبرت داعش عن أقصي انحراف للبندقية الفلسطينية ولأهداف الشعب الفلسطيني تحت لافتة الإمارات الإسلامية وامبراطورية الخلافة, وتحولت فكرة الجهاد ضد الاحتلال لتصبح الجهاد ضد العرب والفلسطينيين, لتسقط القضية الفلسطينية تحت أوهام دولة الخلافة, فقد روجوا لأن دولة الخلافة تذوب فيها الحدود بين الدول, ولا ينبغي للمسلم أن يكون منتميا لوطن, بل للدين وحده, فاستهدفوا إسقاط الأوطان من أجل ما وصفوه بإعلاء الدين, فارتكبوا أفظع الجرائم ضد شعوبهم وأوطانهم, وأساءوا إلي الدين.