في العاشر من شهر يوليو الماضي حلت ذكري مرور ثمانية عشر عاما علي رحيل الأخ والصديق والزميل الموسيقار كمال الطويل رفيق الدرب الإذاعي في خمسينيات القرن الماضي, وفي تلك المناسبة استمتعت وسعدت بالبرنامج الذي قدمته الإعلامية المتميزة لميس الحديدي والتي استضافت فيه زياد الطويل الذي يسير علي درب أبيه الناقد الفني طارق الشناوي كانت السهرة شائقة وليس في ذلك جديد علي الإعلامية لميس فهي من أسرة لها جذورها في مجال الإعلام بداية بالعم الأكبر رئيس الإذاعة عبد الحميد الحديدي ومرورا بعمها حسني الحديدي كبير المذيعين الذي تتلمذنا علي يديه ومنه تعلمنا أصول عمل المذيع حيث كان كبيرا للمذيعين عندما التحقنا بالإذاعة في مطالع خمسينيات القرن الماضي, ودار الحوار في البرنامج عن تاريخ كمال الطويل مع الموسيقي والألحان وأنغامه الساحرة ووطنياته التي ألهبت المشاعر إضافة إلي ألحانه العاطفية التي تهدهد القلوب كلما انتابنا الضجر من الغناء الغث والأصوات المزعجة والمسرسعة التي تسود ساحة الغناء هذه الأيام. وقد قدمت سهرة لميس العديد والعديد من ألحان الطويل والتي تبين أن أحدا من الملحنين لم يتفوق علي الطويل في عدد الأغنيات التي تغني بها العندليب الأسمر وكانت من ألحان الطويل وكما جاء في مستهل هذه الذكريات فإن كمال الطويل كان من رفقاء المسيرة الإذاعية علي مدي سنوات الخمسينيات من القرن الماضي عندما التحق بالإذاعة مشرفا فنيا بقسم الموسيقي والغناء الذي كان يرأسه أستاذنا حافظ عبد الوهاب قبل أن يصبح مديرا لإذاعة الإسكندرية المحلية والذي خلفه فيها الموسيقار محمد حسني الشجاعي, كان كمال الطويل الرجل المناسب في المكان المناسب فهو خريج معهد فؤاد الأول للموسيقي العربية وذلك بخلاف ما ذكره ابنه زياد في السهرة من أن والده التحق بالعمل مذيعا بالإذاعة, ومنذ التحاق الطويل بالإذاعة ربطتنا به ألفة ومحبة وصداقة, نحن الذين كانت له معنا سهرات جميلة كنا نسعد فيها بنغماته خاصة في منزل الزميل الراحل جلال معوض بشارع فيني بالدقي كما كان ينضم لهذه السهرات بين حين وآخر نجم الغناء الصاعد في تلك الأيام عبد الحليم حافظ, ومن بين عديد الذكريات عن تلك الحقبة من السنين ما يتعلق ببرنامج مجلة الهواء الذي قدمته علي مدي خمسة وثلاثين عاما وكيف عمل كمال الطويل مقدما لفقراته الفنية حيث كانت هناك صفحة من صفحات المجلة التي تسمع ولا تقرأ تلتقي فيها بأهل الفن من المطربين وملحنين وممثلين وكانت البداية عندما فكرت في أن نقدم لقاء مع الموسيقار عبد الوهاب وتمينت أن أهاتف الموسيقار الكبير فأرهصت لكمال الطويل أن ينوب عني وأن يقوم بإجراء الحوار مع الموسيقار, سعد كمال بما عرضته عليه وأجري الاتصال بعبد الوهاب وذهبنا أنا والزميل سعد لبيب يرحمه الله وكمال إلي منزل الموسيقار المطل علي نيل الزمالك وتم التسجيل وحاور كمال الموسيقار عبد الوهاب الذي حكي عن بداياته في حي باب الشعرية وكيف تأثر بمنشد الحضرة في ليالي مولد الشيخ الشعراني وما كان يردده من قصائد دينية وغني قصيدة مطلعها أغيثنا أدركنا يا رسول الله كما تحدث عن تأثره بأغنيات الباعة الجائلين في شوارع الحي وغني أغنية الجميز التي تقول: لا تين ولا عنب زيك يا جميز بنكله الوزنه يا عنب كما تحدث عن تأثره بسيد درويش وغني أغنية أنا هويت وانتهيت. وعلي هذا النسق قدم الطويل العديد من صفحات الفن في مجلة الهواء حيث التقي بعديد الملحنين والموسيقيين. وأشهد أن كمال الطويل في حواراته كان كأي مذيع متمكن من صنعته وكم كنا نحن زملاء الطويل نحتفي به ونصفق له لنجاحاته التلحينية حتي بعد أن ترك الإذاعة إذ لم تنقطع الصلات بينا وبينه, وأذكر أول لحن له سجله للإذاعة وغنته فايدة كامل وكان قصيدة من شعر والده المهندس زكي الطويل وإلي مطلعها إلهي ليس لي إلاك عونا.. فكن عوني علي هذا الزمان وكان التسجيل بتاريخ1953/12/1 وأذيعت يوم1953/12/8 كمال الطويل انتجت له الاذاعة173 أغنية أما أغانيه السينمائية وأوبريتاته فهي بلا حصر رحم الله كمال الطويل واسبغ عليه السعادة في آخرته لقاء ما يسعدنا به من ألحان عذبة.