لم تكن تدري وبطنها ترتفع كل يوم بأنها حبلي ولم تكن تتوقع ان نهاية لقائها به كل يوم ستأتي بتلك النتيجة! ماذا ستفعل وهي فتاة في الخامسة والعشرين من العمر ولم تتزوج بعد؟ كيف ستواجه تلك المأساة بمفردها؟ بل والأهم كيف حدثت وكيف سترويها؟ مازالت بطنها ترتفع مع الأيام ونظرات الأم تعذبها، والأم بدورها خجلي من السؤال وتبرر ذلك الارتفاع بأسباب أخري مرضية عارضة. الكل ينظر أليها باندهاش. هل هذا انتفاخ شديد؟ هل مرض غريب ؟ هل. هل.؟ لا أحد يجرؤ أن يبوح بما يأتيه من أفكار تجاه هذا الموقف الحرج والكل في وجوم منتظرين، متوقعين، خائفين. ليته لم يسافر، ليته بقي وأكملا الحب. لماذا الحب دائما لايدوم وتأتي نهاياته حزينة؟! هي العاشقة المعذبة بالرومانسية والشقية بالأحلام الوردية والمشتاقة للكلمات الجميلة و النظرات الهائمة تتعذب بالحب؟ كيف ينكر شخص علي نفسه كل هذا الولع به! كيف يرفضه او لايستشعره؟! أسئلة كثيرة تحيرها، تقهرها، ولابد من الصمود ولكنها لاتقدر علي مواجهة الواقع. لاتستطيع ان تحيا مصدقة انه لايحبها! وهل سيصدق احد انه ليس له وجود منذ سافر الي احدي دول الخليج منذ ثلاثة اعوام تاركا لها الذكري وحبا لم يدم؟ تاركا لها الأحلام لتحيا فيها كل ليلة حيث تمارس معه طقوس الهوي وتحبه بكل طريقة تتيح لها ان تفجر طاقات العشق الكامنة بداخلها. فكل ليلة هو ملكها. لاينازعها فيه احد وهو مستسلم في وداعة. يعشقها علي الفطرة. يأخذها بكل حنان ويعطيها بسخاء ما تتمناه وما تطلبه. الأحلام تتناولها منذ سبعة أشهر تأخذها من ليلة الي اخري ومن حلم الي اخر. لم تعد تنام الا حين تحتضن وسادتها وتبدأ في التفكير فيه حتي يقهرها نوم "فتحلم وتحلم ، وتحلم، ما أجمل الاحلام. في الحلم "هو" واقع له وجود، باق لم يرحل، حالم لا يمل، يجيد الهوي بارع في مداعبة جسدها. له أصابع حانية، له همسات دافئة له رائحة جسد خاصة مميزة تذوب حين تستنشقها وتدخل في حالة لاتوصف من العشق. كل يوم يأخذها معه الي اماكن مجهولة ويمارسان الحب معا بكل وسيلة فكانت احيانا ما تستيقظ علي قوة القبلة وشدة دقات قلبها. هو في الحلم كان الحياة لذا وهب احشاءها حياة! ولكن كيف حدث هذا؟ هل الحب قادر علي فعل المعجزات؟!. نعم الأحلام قد تصنع المستحيل ودائما ماتبدأ الحقائق من الخيال ولكن لا. لاداعي للتفلسف فكل هذا لايهم الآن. المهم هو حقيقة هذا الحمل كيف ومن اين اتي.؟ هل يمكن ان اكون قد اجتزت معه هذا الحاجز الدقيق المتناهي بين الحقيقة والأحلام؟ ام كان واقعا وليس حلما كما اعتقد.؟ لم تعد تستطيع الجزم وقد تداخلت الاحلام في واقعها وعبثت به وبذهنها أشد العبث. إن عقلها صار مشتتا وبطنها مازالت ترتفع. والآن قد تعدت الشهر الثامن بأيام ولم يعد هناك بد من عرضها علي طبيب حيث قرر دون ان يعرف هل هي متزوجة ام لا انه حمل. وبعد أن صرخت الأم بأنها مازالت بكرا امسك الطبيب بسماعته مرة اخري وتحسس بطنها المرتفع ثم قال. اعراض حمل كاذب. وعرضت علي طبيب آخر. وآخر. وأجمع الكل علي أنها حالة نادرة الحدوث لفتاة عذراء. ابنتك لديها متاعب نفسيه ياسيدتي عليكم باللجوء الي طبيب امراض نفسية لعلاجها. هكذا قال آخر طبيب نساء عرضتها عليه امها وكذلك اخر طبيب امراض باطنية. وذهبت بها الام وذهب الاب ومرة مع الاخ الاكبر ومرة مع الاخ الاصغر. الجميع لم يألوا جهدا في رعايتها والاهتمام بها وهي مازالت متمسكة بالحلم! جاءها صوت رنين التليفون لتخبرها صديقتها ان حبيبها الغائب قد عاد ولكنه لم يسأل عنها حين قابلته بالنادي. بل والأكثر مرارة انه كان يبحث عن عروس منذ عودته وقد وجد فتاة احلامه وقرر ان يتم زفافه خلال فترة اجازته ليسافرا معا. أنك لم تأتي بباله علي الإطلاق لقد نسيك هذا الغادر فلتنسيه يا "نسمة" أرجوك. لم يسألني حتي عنك! وحين ذكرتك قال في برود "سلمي لي عليها"! نسمة حبيبتي أفيقي من أوهامك وعودي الي رشدك فهو لايستحقك. كانت كلمات صديقتها قاسية ولكنها متعمدة وذلك حتي تخرج بها من الوهم الي الحقيقة فهي ايضا تبغي المساعدة. تعذبت كثيرا بكت، تألمت، نامت فلم يأت الحلم وكأن الأحلام هي الاخري أشفقت عليها. صارت اكثر انطواء واتخذت من غرفتها ملاذا من عيون الأهل وظلت ليالي تبكي. لكن غياب الأحلام أثار جنونها فكانت تذهب الي الفراش وهي في حالة تحد وعنف وباتت تحطم في نفسها فترفض الكلام والطعام بل ومغادرة الفراش حتي تحلم! ولكن لا فائدة لقد ذهبت الأحلام الي غير رجعة فحزنت وذبلت. عاودت صديقتها الاتصال لتخبرها ان يوم زواجه قد تحدد بالفعل وأنه دعاها للحفل ولكنها لن تذهب بالطبع. اغلقت السماعة وقد شحب لونها لتسقط علي الارض في حالة من الضعف والذهول عاونتها امها في الوصول الي السرير. طلبت من امها إطفاء النور وإغلاق الباب فأذعنت الأم وانصرفت في حزن خارجة من الغرفة. حيث قامت بوهن وخيبة امل بوضع رأسها علي الوسادة والإمساك باعمدة السرير الخشبي في حركة شبه سينمائية اعتادت رؤيتها في الأفلام ولطالما تمنت ان تعيشها في الواقع وبنظرة متحدية حزينة بدأت في إجهاض الحلم. ندي إمام عبدالواحد عضو اتحاد كتاب مصر