عاشا خمسة عقود من الزمن ما بين أفراح وأحزان, وكانا سندا وعونا لبعضهما البعض وقت الشدائد, وبين حين وآخر تدب الخلافات بينهما, لكنها كانت تذوب سريعا إكراما للعشرة التي جمعتهما سويا. كان الزوج عصبيا دائم الشجار لكن الزوجة كغيرها من الزوجات اعتادت علي تحمل مصاعب الحياة الزوجية فالحفاظ علي الأسرة من التفكك والانهيار كان عاصما لها من طلب الطلاق. استمرت الحياة بحلوها ومرها إلي أن جاء وقت بلوغ الزوج سن المعاش, فزادت وتيرة الخلافات واحتدت الشجارات بينهما فكانت شبه يومية, إلا أن الزوجة استمرت في التحمل والجلد حتي بلغ الزوج70 عاما, إلا أن الرجل لم يكف عن شجاره ولم يهدأ لسانه, ونفر من زوجته التي تحملته رغم فارق السن الذي تجاوز العشرين عاما, وربما ساعدت قلة الدخل بعد بلوغ المعاش علي زيادة عصبية الزوج, فكان الشجار الأخير مختلفا, إذ تربع الشيطان علي عقل الرجل وأشار عليه بحرق تلك الزوجة التي تشعره كل يوم بالعجز. في تحقيقات نيابة المطرية التي تمت تحت إشراف المستشار إبراهيم صالح المحامي العام لنيابات شرق القاهرة الكلية, تبين أن الزوج دخل في مشادة كلامية مع زوجته استشاط بعدها غضبا وقرر إشعال النار في زوجته للتخلص منها, وإمعانا في ذلك قام الزوج بإغلاق باب الشقة تاركا الزوجة تواجه مصير الحريق. وأضافت التحقيقات التي باشرها المستشار أحمد الشاذلي رئيس نيابة المطرية, أن الزوج بعد أن أغلق باب الشقة بالمفتاح وتصاعدت النيران بقوة لتبدأ في التهام كل محتويات الشقة وشعرت الزوجة أنها ستكتوي بألسنة اللهب المتصاعدة ارتعدت وارتعبت ولم تفكر إلا وهي تسرع نحو شرفة المنزل هربا من النيران التي تلاحقها بسرعة الريح, وفي لحظة خاطفة ألقت بنفسها من الطابق العاشر لترقد بين الحياة والموت. وأوضحت التحقيقات أن الجيران بعد أن شاهدوا ألسنة النيران تتصاعد من الشقة تجمعوا أمام المنزل في محاولة للدخول إليه والسيطرة علي النيران إلا أنهم فوجئوا بالمجني عليها تلقي بنفسها أمامهم لتسقط علي أرض الشارع, فقاموا بطلب الإسعاف وإبلاغ رجال الشرطة والإطفاء. استطاعت قوات الحماية المدنية السيطرة علي الحريق فيما تم نقل الزوجة المجني عليها إلي مستشفي المطرية لمحاولة إنقاذها من الموت, وانتقل رجال المباحث إلي المكان حيث تم البحث عن الزوج والقبض عليه. وأمرت نيابة المطرية بحجز المتهم علي ذمة التحقيقات لحين ورود تحريات المباحث حول الواقعة للتعرف علي ظروفها وملابساتها, كما طلبت النيابة من المستشفي الاستعلام عن حالة المجني عليها وإعداد التقارير الطبية بذلك.