الدوحة وكالات الأنباء: كشفت التقارير الصحفية الواردة من العاصمة القطرية عن أزمة سيولة حادة تلوح في الأفق, تتمثل بوادرها في الصعوبات التي تعترض حاليا الحصول علي العملات الأجنبية, كما ذكر مراسلو صحف بريطانية مثل االصنداي تايمزب. ويقدر الاقتصاديون أن ذلك كان متوقعا مع لجوء الناس لحفظ مدخراتهم في عملات أجنبية, لذا لم يكن مستغربا أن يطلب مصرف قطر المركزي من البنوك التجارية تقديم معلومات تفصيلية يومية عن تداولات النقد الأجنبي. وتعكس تلك الخطوة حالة القلق الشديد التي انتابت المسئولين في الدوحة من حجم السحوبات والتحويلات, التي تمت علي مدار بضعة أيام في أعقاب قطع علاقات دول عربية مع قطر. وتشير معطيات كثيرة إلي أن قطاع المصارف في قطر سيواجه أوضاعا شديدة الصعوبة, حيث سيعاني من عدة مشكلات مثل نقص السيولة وتأجيل أو حتي العجز عن السداد أو التمويل, إضافة للعجز عن التحصيل. هذا إضافة لتراجع سعر صرف العملة, الذي قد يشكل مشكلة أخري في المعاملات التجارية. أما نقص السيولة, فيحدث نتيجة نقص الودائع, إما لسحبها أو لعدم إيداع مبالغ جديدة في المصارف, وهو أمر بديهي في هذه الظروف التي يفضل فيها الأفراد سحب أموالهم للاحتفاظ بها, أو تحويلها لحسابات في دول أخري, أو استبدالها بعملات أخري مثل الدولار واليورو, مع لجوء البعض للملاذات الآمنة خاصة الذهب. وتنتج عن نقص السيولة مشكلات كبيرة مثل العجز عن سداد الديون المستحقة إن وجدت, أو سداد المستحقات, وبالتأكيد التوقف عن أي تمويل جديد, سواء لمشروعات أو مؤسسات أو شركات, أو أفراد; وكذلك الأمر بالنسبة لتحصيل البنوك ما لها من نقود أو أقساط لدي الأفراد أو الشركات. وأعلنت الكويت أمس أنها ستواصل مساعيها لحل الأزمة بين قطر والمملكة العربية السعودية وحلفائها في نطاق البيت الخليجي, مؤكدة أن الدوحة باتت مستعدة للتجاوب مع مساعي حل الخلاف وتفهم هواجس الدول المقاطعة لها. ومن ناحية أخري كشفت وسائل الإعلام أن قطر دائما ما كانت تلعب دور الوسيط المفضل والأوحد للمنظمات الإرهابية, إذ وظفت مليارات الدولارات في سبيل تحقيق هذا الهدف, لتتكشف من بعدها فصول المؤامرة. وقد توسطت الدوحة في قيادة مفاوضات وتخليص رهائن من شراك تنظيمات إرهابية متطرفة في عدد من دول المنطقة, بدءا من طالبان, وصولا إلي جبهة النصرة, ومرورا بإيران, وكل هذه التنظيمات علي علاقة بالدوحة. ففي سبتمبر2014, تفاوضت الدوحة مع النصرة ومنحتها ملايين الدولارات للإفراج عن45 جنديا فيجيا من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في الجولان. وحصل التنظيم نفسه علي ملايين إضافية من قطر بعدما أفرج عن13 راهبة سورية احتجزن نحو3 أشهر. وفي العام نفسه, توسطت قطر للإفراج عن جندي أميركي تحتجزه طالبان في أفغانستان مقابل الإفراج عن5 من الإرهابيين الأفغان في جوانتانامو, انتهي الأمر بتحول ثلاثة منهم إلي قادة للقتال مع جبهة النصرة في سوريا. كما كانت الدوحة وسيطا بين حليفيها إيران وجبهة النصرة في سوريا, فيما يتعلق باتفاق للتهجير من4 بلدات سورية. وتشير عدة تقارير إلي أن حجم التمويل القطري المبدئي للإرهاب بلغ نحو65 مليار دولار منذ عام2010 حتي2015, وهو مبلغ هائل, كان كفيلا بإضافة مدارس ومستشفيات للمواطن القطري أو حتي توفيره للمواطنين نقدا, وكان يمكن أن يغير واقع دول وحياة شعوب عربية فقيرة, لو أحسن استغلاله. وإذا أراد النظام القطري توزيع65 مليار دولار علي مواطنيه فقط, لكان نصيب كل مواطن200 ألف دولار, أي750 ألف ريال قطري. وبالنظر لهذه الحسابات البسيطة, فإن مبلغ ال65 مليار دولار كان كفيلا بأن يقضي علي فقر وبطالة وجهل ومرض ملايين المواطنين العرب, لذا يبرز تساؤل: ألم يكن هذا الوجه من الإنفاق أجدي وأنفع للدول العربية وللشعب القطري نفسه.. بدلا من إنفاقه علي تدمير دول وقتل شعوب؟