لا أحد يدري علي وجه اليقين نتائج تصريحات مدير ال إف بي آي المعزول جيمس كومي أمام لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأمريكي أمس الخميس مجرد أزمة سياسية داخلية ستمر مرور الكرام أم أنها ستتحول تدريجيا إلي ووترجيت جديدة تهدد مستقبل الرئيس الأمريكي الجمهوري دونالد ترامب وبقاءه في البيت الأبيض. فالمدير السابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي الذي تولي مهام منصبه في سبتمبر2013 وأقيل منه في مايو2017 اتهم الرئيس بالكذب, وهي تهمة لو ثبتت لن تمر بسهولة في مجتمع لا يتسامح أبدا مع من يكذب عليه حتي لو كان علي سدة الحكم. الصحف الأمريكية وصفت الأزمة بالزلزال. البيت الأبيض أعلن علي لسان سارة ساندرز المتحدثة باسمه اختلافه مع وصف كومي لترامب بأنه كاذب, وذلك ردا علي سؤال لأحد الصحفيين, وهو ما اعتبرته ساندرز سؤالا مهينا, ومحامي الرئيس أكد أنه لم يصدر توجيها لكومي وقت وجوده في منصبه وقبل عزله بإسقاط تحقيق بشأن مستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين أو اقترح أن يفعل ذلك. جيمس كومي الذي أقيل من منصبه في أول مايو الماضي, لم يعلن استسلامه لقرار العزل, وأوعز إلي أحد أصدقائه في كلية كولومبيا للحقوق بأن يرسل ملاحظاته إلي أحد الصحفيين لنشرها, مؤكدا أنه فعل هذا لاعتقاده بأن ذلك سيسرع في تعيين محقق خاص لإجراء التحقيق في التواطؤ المحتمل بين حملة ترامب وروسيا في انتخابات الرئاسة الأمريكية, مشيرا إلي أنه لم يفعل هذا بنفسه لأسباب لم يذكرها. صحيفة نيويورك تايمز نشرت ملاحظات كومي في تقرير خاص في السادس عشر من مايو, وفي اليوم التالي للنشر تم تسمية روبرت مولر مديرا لل إف بي آي خلفا لكومي. وفي تصريحاته أمس اتهم جيمس كومي أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي الرئيس دونالد ترامب بتشويه سمعته وبث أكاذيب عن مكتب التحقيقات الاتحادي, لكنه لم يوضح ما إذا كان الرئيس سعي لعرقلة العدالة من خلال مطالبته إياه وقف التحقيقات مع مستشار الأمن القومي السابق, وقال إن التفسيرات المتغيرة التي قدمتها إدارة ترامب بشأن إقالته أصابته بالحيرة, مما اعتبره كومي تشويها لسمعته وسمعة الإف بي آي بالقول إن المكتب يعاني من فوضي وأن العاملين فقدوا الثقة في رئيسهم, وأضاف: تلك كانت محض أكاذيب, وآسف بشدة أن موظفي إف بي آي اضطروا لسماعها, وأن يعلم بها الشعب الأمريكي. وقال مدير مكتب التحقيقات الاتحادي السابق: إن الرئيس ترامب طالب بولائه من أجل الاحتفاظ بوظيفته, وذلك في حديثه عن تفاصيل ما دار بينهما خلال عشاء في يناير الماضي, ما يشير بشكل مباشر إلي مساومة صريحة من جانب الرئيس لكومي مع تهديده بالإبعاد في حال عدم استجابته للطلب, وفي شهادة مكتوبة, كان كومي قدم مزيدا من التفاصيل عن المقايضة, قائلا إن ترامب قال له: أحتاج إلي الولاء, وأتوقع الولاء. كما ذكر كومي أن ترامب طلب منه التخلي عن التحقيق حول مايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق الذي يشتبه في تورطه في عمليات التدخل الروسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في العام.2016 ونسب كومي إلي ترامب قوله أتمني أن تكون الرؤية واضحة بالنسبة لك حتي تتغاضي عن الأمر وتتغاضي عن فلين. وقال خبراء في القانون: إن شهادة كومي قد تعزز فرص أي مساءلة في الكونجرس لعزل ترامب من السلطة بتهمة عرقلة العدالة. وقال كومي لا أعتقد أنني من يقول ما إذا كانت المحادثة بيني وبين الرئيس محاولة لعرقلة العدالة. أراها أمرا مزعجا ومقلقا للغاية. لكن هذه نتيجة أثق في أن المستشار الخاص سيعمل لمحاولة فهم ما وراءها من نوايا. وقد تكون لشهادة كومي تداعيات كبيرة علي رئاسة ترامب خاصة مع قيام المستشار القانوني الخاص روبرت مولر وعدد من لجان الكونجرس بالتحقيق في مزاعم بشأن تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية وتواطؤ بين حملته وموسكو. اتهامات كومي لترامب ربما تكون بداية لأزمة سياسية كبري لأنها صادرة عن مسئول رفيع المستوي دارس للقانون ويعلم أبعاد تصريحاته تماما, وهو كما يبدو لا يحاول اختلاق أزمة بقدر محاولته الدفاع عن شرفه الوظيفي وسمعته المهنية والحقيقة التي تعم المواطن الأمريكي في المقام الأول. الأزمة لاتزال في مراحلها الأولي, وتطورها ليس في مصلحة الرئيس ولا الحزب الجمهوري, فقط الأيام المقبلة ستحسم الأمر إما.. وإما.