في قمة الناتو الأخيرة في بروكسل25 مايو التي ناقشت المشاكل الأمنية التي يواجهها التحالف الغربي, تجنب زعماء الدول الكبري في الحلف الالتقاء بأردوغان بعد تردي العلاقات معه, بعد تطاوله علي الجميع, كما ان سلطة أردوغان المطلقة أدت إلي ولادة الكثير من المشاكل داخل تركيا فالآن تتم المحاكمة الجماعية الثانية التي تجري في تركيا منذ الانقلاب الفاشل في البلاد, والتي أضحت جزءا من السياسة التي ينتهجها أردوغان ضد أي شخص يفكر في انتقاده. بعد ان تم فصل أكثر من مائة ألف موظف من القطاع العام, بينهم معلمون وعناصر من الشرطة وضباط وأكاديميون وقضاة. وهذه الإجراءات أدت إلي قلب تركيا رأسا علي عقب, كما أضعفت حلف شمال الأطلسي( ناتو). وأردوغان كان قبل نحو عشرة أيام في واشنطن حيث التقي الرئيس ترامب حيث ناقشا مشكلتين رئيسيتين تعكران صفو العلاقات بين البلدين, ولكن من دون إحراز أي تقدم, إحداهما هي الشراكة الأمريكية مع وحدات حماية الشعب الكردية ضد تنظيم داعش في سوريا. ذلك أن تركيا تعارض هذه الشراكة لأن الوحدات الكردية في نظره هي الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني, الذي يقاتل تركيا منذ عقود, أما المشكلة الثانية مع الولاياتالمتحدة, فهي قضية فتح الله جولن, رجل الدين الذي يعيش في الولاياتالمتحدة, ويتهمه أردوغان دون دلائل بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في يوليو.2016 وعاد أردوغان بخفي حنين بعد الزيارة الفاشلة لواشنطن لم يحقق من خلالها أيا من أهدافه بل إن اللقاء الذي جري مع الرئيس ترامب في البيت الأبيض كان صداميا ومتوترا, ولم يستغرق غير22 دقيقة, والمؤتمر الصحفي الذي انعقد بعده كان فاترا ولدقائق معدودة ايضا, ووصف معلقون سياسيون اتراك هذه الزيارة بأنها كانت الأسوأ في تاريخ العلاقات التركية الأمريكية. وكانت صدمة للسلطان الذي بني حساباته علي تحسن العلاقات مع واشنطن بعد انتهاء ولاية الرئيس اوباما الذي انتقد اردوغان علانية أثناء ولايته حين قال إن أردوغان خذل آماله, حيث اعتقد أن أردوغان هو القائد التركي الذي يزعم أنه إسلامي معتدل وهو ما ثبت زيفه. أردوغان الآن يضعف الصحافة ويغير النظام التعليمي فأصبح متحجرا ولا يشجع علي التفكير الحر, وأضحت تركيا مقرا وممرا للحركات الإرهابية وهو يقود حربا ضد الأقليات ولا نعني هنا الأكراد فقط الذين تتعرض ثقافتهم لقمع وحشي علي مر سنوات عديدة, بل هناك أيضا العلويون والمسيحيون والعلمانيون وأضحت النزعة القومية الشوفونية تتحكم بالثقافة السياسية لتركيا. وفي الواقع أن العلاقات الأمريكية- التركية تعود إلي عدة سنوات. وتعرضت لتوترات ففي عام1964, بعث الرئيس جونسون رسالة شديدة اللهجة إلي رئيس الوزراء التركي عصمت إينونو يهدد فيها بالتخلي عن تركيا إذا ما أقدمت علي استخدام القوة في الجزيرة القبرصية. وفي عام2003, و رغم ان إدارة بوش لعبت دورا مهما وحاسما في إجهاض محاولة الجيش التركي منع حزب العدالة والتنمية من النزول الي انتخابات عام2002, إلا ان تلك العلاقات سادها التوتر قبيل واثناء الحملة العسكرية الأمريكية ضد العراق عام.2003 عندما أساء حزب العدالة والتنمية حسابات تكتيكاته البرلمانية وخسر التصويت البرلماني اللازم لنشر62 ألف جندي امريكي في الاراضي التركية وكان الأتراك يسعون للمناورة لتحقيق أهداف إقليمية وإستراتيجية في العراق, ويرون الفرصة سانحة لتحقيقها مما اعتبر خذلانا للحليف الامريكي.