أثار ما شهدته لجنة الحوار الوطني أمس من احتجاجات وانتقادات وتهديد ووعيد من ائتلاف شباب الثوارة وشباب6 أبريل ردود أفعال متباينة جعلت نجاح أو فشل الحوار الوطني علي المحك, فقد تباينت آراء الخبراء, فالبعض يري أن الفكرة جيدة لأنها تعد من مكتسبات الثورة, فهو ليس حكرا علي شباب الثورة فقط, أو السلفيين, أو الإخوان, أو الليبراليين, أو اليساريين.. هو حوار مفتوح لكل طوائف المجتمع, بينما يري البعض الآخر أنه بدأ دون أهداف أو خطط مستقبلية, ودون تحديد آفاق له, خاصة أنه لم يتضمن جميع فئات الشعب أو منظمات المجتمع المدني أو ممثلين عنهم فكان بين النخبة والنخبة. الأهرام المسائي استطلع جميع الآراء ليرصد الحقيقة ويضعها أمام الرأي العام: في البداية أكد الدكتور أحمد يحيي أستاذ الاجتماع السياسي بجامعة قناة السويس أن فكرة الحوار جيدة, فهي إحدي مكتسبات الثورة حيث يشارك فيه كل أطياف المجتمع بآرائه وأفكاره دون مصادرة علي أي رأي, خاصة أن الهدف من الهوار هو اكتشاف أفكار ورؤي واتجاهات المجتمع المصري نحو المستقبل, وبالتالي يجب أن يهتدي صانع القرار بتلك الرؤي عند وضع سياسات مستقبلية أو اتخاذ قراراته المصيرية علي هذا الحوار بشكل يحول دون فتح آفاق جديدة لكل طوائف المجتمع المصري. ويوضح أن الحوار ليس لشباب الثورة فقط, وليس للسلفيين أو الإخوان أو الليبراليين أو اليساريين, وإنما هو حوار مفتوح لكل الفئات.. الرجال والشباب, فالكل يري أن هذا الحورار يصبح ذا فائدة إذا كانت توصياته تتفق مع المنهج العام الذي نسعي إليه جميعا, وهو أن مصر دولة مدنية ليبرالية حرة تقوم علي المواطنة واحترام حقوق الإنسان دون سيطرة فئة علي أخري, أو فرض رؤية علي باقي الرؤي. ويري أن الأخطر من هذا كله هو إقصاء أي قوي سياسية عن هذا الحوار, أو اعتباره مكلمة لمجرد التعبير فقط, فالأهم هو وجود اتجاه عام لدي أغلب طوائف المجتمع المصري بأهمية وجود دستور قبل إجراء أي انتخابات لمؤسسات المستقبل لأن الدستور هو الأساس الذي نبني عليه جميع الإجراءات المستقبلية في إطارها القانوني, خاصة أن الثورة ليست مجرد تغيير أشخاص لكنها تغيير في البنية السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية التي لم تتحقق حتي الآن, متسائلا: هل يستطيع هذا الحوار الدخول في إعادة بناء هذه الأعمدة الرئيسية للمجتمع ولا يقتصر الأمر عند مجرد الكلام فحسب؟ لكن نجيب جبرائيل رئيس الاتحاد المصري لحقوق الإنسان يري أنه بدأ بدون أهداف أو خطط مستقبلية ودون تحديد آفاق الحوار, خاصة أنه كان بين النخبة والنخبة, بمعني أنه لم يتضمن جميع فئات الشعب أو منظمات المجتمع المدني أو ممثلين عنهم في هذا الحوار, بالإضافة إلي حدوث نزاع بين المتحاورين أنفسهم نظرا لغياب الرؤية, فعلي سبيل المثال لم تتم دعوة أكبر فقيه دستوري في مصر الدكتور إبراهيم درويش أبو الدساتير في العالم العربي وإفريقيا, وأيضا ممثلين عن الكنيسة حتي يدلوا بدلوهم في مشكلات الأقباط, وبالتالي فقد الحوار الرؤية الواضحة والهدف الذي أنشئ من أجله, وأصبح الحوار لمجرد الحوار ومكلمة من المكلمات, كما أن الحوار في مصر أصبح الشغل الشاغل للناس بدلا من الاهتمام بزيادة الإنتاج لدرجة أن الوزراء أنفسهم أصبحوا يقضون وقتهم أمام شاشات التليفزيون أكثر من الوقت الذي يقضونه في وزاراتهم. ويري أن الحوار يجب أن تكون له أهداف معلنة, ورؤية واضحة, وتوقيت محدد, وأن يشمل جميع فئات وطوائف الشعب, وأن يصل إلي توصيات قابلة للتنفيذ, وأن يشمل تيارات دينية خاصة أن الإخوان لهم ثقل كبير في صياغة الشكل السياسي للدولة متسائلا: كيف نترك هؤلاء الذين يلعبون دورا كبيرا في صياغة شكل الدولة ونظامها السياسي, ويخلو الحوار منهم, بالإضافة إلي عدم شموله نخبة من المصريين العاملين في الخارج. ويري أن الحوار قد تم العمل به علي أساس امتصاص الغضب الجماهيري وضبط إيقاع الشارع المصري. ويقول عصام العريان المتحدث الرسمي باسم جماعة الإخوان: إن لديهم دعوات عديدة لاجراء حوارات لافتا إلي أن الأمل في الحوار أن يتم بين الممثلين الشرعيين للشعب داخل المؤسسات التي ينتخبها الشعب لأنه الذي يقوم باختيار هذه المؤسسات لاتخاذ القرارات العامة. ويري أن الحوار يجب أن يتسم بالشفافية في الوضوح وأن يدعي اليه الجميع لتقديم أوراق العمل وليس مجرد الاستاع إلي وجهات نظرة معدة سلفا لافتا إلي أن الوفاق القومي الذي دعا اليه الدكتور يحيي الجمل نائب رئيس الوزراء يعد استباقا للمطلوب والتفافا علي الإرادة الشعبية التي ظهرت في الاستفتاء علي تعديلات الدستور فإذا كان الهدف منه هو جمع التراث الدستوري فهذه المهمة يمكن أن تقوم بها لجنة تنتدبها الجمعية التأسيسية المنتخبة في بداية عملها وأن يكون جزءا من عملها. ويقول إن الحوارات التي تتم لأهداف سياسية لإحراج قوي معينة أو اقصاء قوي بذاتها أو التخويف من تيارات معينة فهي تعيد إلي الأذهان ماكان يفعله النظام السابق فالشعب المصري أثبت أنه جاهز أو مهيأ للديمقراطية وأن من آثار التخويف والتهديد في نفوس الشعب المصري من فلول النظام السابق حول سيطرة الإخوان علي الأغلبية وانتشار الفتنة الطائفية وانهيار الاقتصاد وغياب الأمن فكلها أمور هدفها عدم اجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة لكن الشعب يرغب في أن يبدأ الطريق الصحيح لاستعادة مؤسسات الدولة وأهمها تشكيل البرلمان لاتخاذ القرارات العامة لاجراء التعديلات القانونية واعداد الخطط الكفيلة بوضع الأمور في نصابها لاكتساب ثقة المجتمع الدولي والإقليمي وتقديم كل أشكال الدعم لحكومة منتجة. ويقول الدكتور إبراهيم درويش الفقيه الدستوري إنه يوجد6 حوارات لدرجة يمكن معها القول بأن مصر تحولت إلي مكلمات دون أفعال علي أرض الواقع, حيث يوجد حوار للدكتور يحيي الجمل وآخر للدكتور عبدالعزيز حجازي وحوار للإخوان المسلمين وبحديقة الأزهر والمنيا وعين شمس لكن كل هذا لا يجدي وليس له أي مردود علي الساحة السياسية, كما أن الحكومة الحالية لا تقوم بواجبها المنوط به بل كان من المنتظر أن تقوم بعمل خدمات أكثر من ذلك نظرا لأن أغلب الوزراء الموجودين داخل هذه الحكومة لهم أجندات معينة من بقايا الحزب السابق.ويقول إن الحوارات سبه متهما المستشار عبدالعزيز حجازي بتخريب الاقتصاد في عام1977 خاصة انه أول من فتح باب الانفتاح وجعله سداح مداح علي حد قول الراحل العظيم أحمد بهاء الدين.ويطالب بإقامة حوار من فئات الشباب وأن تحقق نتائجه لأننا في حاجة إلي أفعال وليس إلي أقوال نظرا لأن كثرة الحوارات تؤدي إلي تقسيم البلد وليس إلي توحيدها واصفا الحوارات التي يجريها الدكتور يحيي الجمل والحكومة بالعبثية. ويقول الدكتور عبدالمنعم المشاط استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: لا أحد يعرف كيفية اختيار المشاركين في الحوار ولا المعايير التي يتم اتخاذها في تحديدهم, فهل هي معايير حزبية أو معايير مدنية أو تعليمية. فهناك غموض شديد في تحديد طبيعة المشاركين في برنامج الحوار, فالحوار دائما يتم لمناقشة برنامج محدد وواضح ولا ندري ماذا سيتم بعد الحوار وأين ستذهب نتائجه هل للوزارة أم للمجلس العسكري أم لوزارة معينة. ويري أن تعدد الحوارات ظاهرة صحية بشرط وجود أهداف يتم تحقيقها وأن تكون علانية مباشرة حتي يشارك المواطنون فيها دون أن يتم اختيارهم أو حضور الجلسات فإذا لم يتم ذلك فسوف تظهر علامات استفهام كثيرة في نشر الحوار ونتائجه. ويقول خالد عبدالحميد عضو ائتلاف شباب الثورة إن الحوار الوطني يجب أن يتم بالمشاركة الحقيقية والفعالة وأن يتم ابعاد جميع رموز النظام السابق بوصفهم مسئولين عن الفساد خاصة أن أحدا من المسئولين السابقين لا يستطيع ايجاد حلول سليمة لأنه شريك أساسي فيما صنعه النظام السابق. ويطالب خالد تليمة عضو مكتب تنفيذي بإئتلاف شباب الثورة أن يشمل الحوار إعادة النظر في القوانين وعدم اصدار أي قانون دون التشاور, وإجراء حوار مجتمعي حقيقي حوله, بالإضافة إلي استبعاد جميع رموز النظام السابق من هذا الحوار لأن مكانهم الحقيقي داخل ساحة القضاء.