في مشهد خرافي أدهش المصريين والعالم أجمع قرر النائب العام حبس الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال مبارك15 يوما علي ذمة التحقيق يومها امتلأت عيني بالدموع لسببين. الأول: عندما سمعت صوتا بداخلي يقول لمن الملك اليوم.. لله الواحد القهار فلا ملك دائم ولا مخلوق مخلد والثاني: حزنا علي أرواح شهداء الحرية الذين قتلهم نظام مبارك فرغم المشاهد الدرامية في الموقف حيث يرقد الأب علي فراش المرض وينام الأبناء داخل جدران السجن فلن يكون جمال وعلاء مبارك أغلي علينا وعلي مصر من شهدائنا. ثم جلست أفكر وأتخيل كيف ستكون زنزانة الرئيس؟ وهل سيحاكم الرئيس فعلا؟ أم أنها وسيلة أخيرة لتهدئة الرأي العام وماهو الحكم الذي ينتظر الرئيس؟ وهل سترجع الأموال المنهوبة؟ التي في نظري أهم للشعب من محاكمة مبارك لأنها ستسهم في تنمية مصر وتحسين المعيشة؟ وهل يؤثر حبس ومحاكمة الرئيس سلبيا علي المشهد السياسي والاجتماعي لمصر في المستقبل؟ أم أنه مشهد النهاية لتلك الأحداث. زنزانة الرئيس تختلف كثيرا عن اي سجن آخر وعن أية عقوبة أخري لأن بداخلها الرجل الأول في الدولة وهو اليوم سجين بين قضبان سجونها ينتظر مصيرا مجهولا بمشاعر تتقلب بين الخوف والندم والسؤال الأهم كيف ستكون هذه الزنزانة؟ هل ستكون في مبني خاص بمنطقة صحراوية مزودة بوسائل الرفاهية والتواصل بشكل يشبه الاقامة الجبرية وليس السجن المتعارف عليه.. فبمجرد دخول هذه الزنزانة أو حتي احتمال دخولها تنتاب الرئيس أفكار وهواجس وكوابيس وذكريات السنوات الماضية منذ توليه الحكم مرورا بصفقات الفساد الذي صنعها حتي الظروف والتفاصيل التي عجلت بدخوله هذه الزنزانة ويدخل الرئيس في صراع نفسي قائلا لنفسه كان يجب علي أن أفعل هذا بدلا من ذلك وألا أظلم هذا الرجل الشريف فياتري من هو أول مسئول سيوبخه مبارك في سجن طره؟ ومن أول ضحية ستخطر علي ذهن مبارك يندم علي ظلمها؟ فبمجرد التحقيق مع الرئيس يعد هذا موتا للرئيس سواء دخل السجن أو لم يدخل أو تمت محاكمته أو لم تتم لأنه بذلك يخسر السلطة والنفوذ والتاريخ ويجلب الذل والهوان لنفسه ولأسرته بعد مماته.. وإن كان لمبارك تاريخ عسكري مشرف فهو الذي لوث هذا التاريخ بيده بنشره الفساد وليس الشعب المصري الذي أنكر وشوه هذا التاريخ فمبارك مسئول مسئولية مزدوجة عن الفساد السياسي والاجتماعي في الدولة سواء بالمشاركة أو بالسماح بالفساد والسرقة والتزوير ودائما كان يختار الفاسدين والمنافقين والفاشلين والحاقدين والمتنافسين ليوليهم السلطة. وربما تفتح قضية محاكمة الرؤساء والوزراء الكثير من تساؤلات أولها لماذا فرض الرئيس عبدالناصر الاقامة الجبرية علي الرئيس محمد نجيب والمشير عبدالحكيم عامر حتي وافتهما المنية؟ لماذا تم إهمال وإنكار دور الفريق سعد الدين الشاذلي؟ وسوف تفتح ملفات التعذيب في المعتقلات بما فيها الجرائم التي ارتكبها صلاح نصر التي تعد الأسوأ في تاريخ مصر وكذلك سيطرة مراكز القوي علي أمور وخيرات البلاد في عهد عبدالناصر فكان يجب ألا تمر مرور الكرام وربما هذا مادفع السادات لما أسماه ثورة التصحيح في15 مايو1971 فعلي الرغم من أن عبدالناصر كان ديكتاتورا بعض الشيء إلا أنه لم يكن فاسدا كمبارك. وفي اعتقادي أنه ليست الدولة العظمي التي تتبع مناهج ومعايير للتنمية هي تحاكم الرؤساء والمسئولين فقط بل الدول العظمي التي تسعي للتنمية هي التي تمنع هذا الرئيس من البداية من عقد الصفقات المشبوهة واستغلال النفوذ وذلك بتقليل السلطات المفرطة لرئيس الدولة بالاضافة للمتابعة والاشراف المستمر علي ممتلكات الدولة وذلك أفضل بكثير ليتجنب الشعب ويلات سنوات الفساد وتجنبا لوصف تاريخ هذه الحقبة الزمنية من تاريخ البلاد بالتأخر والفساد وفي النهاية نتمني محاكمة عادلة للفاسدين بدون انتقام أو تشفي لأن هذه المحاكمة ستكون مقياسا وبداية للديمقراطية في المستقبل وليعرف كل رئيس قادم أن بلادنا قد عرفت من اليوم مايسمي بزنزانة الرئيس.