أقام المجلس الأعلي للثقافة مؤخرا ندوة بمناسبة صدور الترجمة العربية من كتاب وثائق مختارة.. محاكمات فنية وأدبية وفكرية, محاضر تحقيق أمام لجان تحقيق أمريكية والتي عكف عليها المترجم الفذ د. رمسيس عوض, والكتاب يتحدث عن ظاهرة المكارثية اي الملاحقات الفكرية التي انتشرت في الولاياتالمتحدة في الخمسينيات وقصدت تعقب كل من يشتبه في اعتناقه أفكارا شيوعية. وأشار المفكر السيد ياسين الذي ادار الندوة إلي نقطتين مهمتين: أولا أهمية الكتاب في فهم ملامح رئيسية للتركيبة الثقافية الامريكية. ثانيا: أهمية صدور ترجمته إلي العربية في مصر ما بعد ثورة يناير, فهي إذن علي حد قوله دفعت نظاما ديمقراطيا نحو ممارسات فاشية, تساءل السيد ياسين عما إذا كانت المكارثية قد انتهت من المجتمع الأمريكي ام إن لها ذيولا متمرسة في تركيبة الفكر الأمريكي ومن ثم فهي تعود للظهور في لحظات تاريخية أخري, ولقد استند في رأيه هذا إلي لجوء بوش الابن بعد أحداث11 سبتمبر2001 إلي العمل حثيثا علي تمرير ماعرف بقانون الوطنية الذي يكون للدولة بمقتضاه الحق في اختراق خصوصيات المواطنين بحجة استشراف تورط اي فرد في اي فكر او تنظيم ارهابي. وأضاف السيد ياسين قائلا: إنه إذا كانت الولايات قد لجأت إلي المكارثية في فترة احتدام صراعها مع عدوها اللدود وقتذاك اي الاتحاد السوفييتي, فإنها عادت ولجأت لممارسة مشابهة إبان حكم بوش الأبن في فترة احتدام صراعها مع عدوها الجديد الا وهو عالم الدول التي تؤوي الارهاب علي حد زعم الولاياتالمتحدة, أما عن أهمية صدور الترجمة العربية لهذا الكتاب الآن فقد أوضح السيد ياسين ضرورة الانتباه إلي ان ظاهرة محاصرة حرية التفكير والإبداع لم تحدث إبان المكارثية فقط بل هي مشكلة عالمية, وأن فهم هذه الإشكالية اساسي لتجنب العوامل التي تنتجها في أي مجتمع, وبالنسبة لمصر في المرحلة الحالية فإن الوعي بهذه الإشكالية اساسي لانتاج خطاب ثقافي إيجابي. وفي الحقيقة لقد مس كلامه عن ضرورة انتاج خطاب ثقافي ايجابي وترا حساسا جدا حيث كانت علي بعد أمتار قليلة من توقيت انعقاد الندوة ومكانها احداث امبابة متأججة في القاهرة وهي أحداث يقف وراءها إلي حد كبير ميل البعض إلي فرض حصار علي حرية الآخرين في الفكر والتعبير عنه, ولقد أسهبت في هذا الصدد بالذات أمينة عام مجلس الشئون الخارجية, والتي شاركت في إدارة الندوة, وكان أبرز أوجه الشبه التي أشارت إليها بين المكارثية والمصادرة الفكرية التي يقوم بها البعض في مصر الآن هي التشكيك في الآخرين( سواء في انتماءاتهم او أفكارهم او عقيدتهم) وغالبا ما يصحب حالة التشكيك جو من البلبلة الفكرية والشائعات التي لا تستند علي أي دلالة وبالتالي تحتدم الأجواء ويكون الأفراد أكثر تهيئة لممارسة العنف بكل أشكاله. أستاذ ة مساعدة بجامعة كليفلاند ستيت الولاياتالمتحدة: