د. رمسيس عوض يتابع مناقشة كتابه أقام صالون المركز القومي للترجمة ندوة بمناسبة صدور الترجمة العربية لكتاب "وثائق مختارة.. محاكمات فنية وأدبية و فكرية. محاضر تحقيق أمام لجان تحقيق أمريكية". وتأتي الندوة في لحظة تاريخية مناسبة تماما. فهي، من الناحية الأولي، تناقش كتابا مترجما عن الإنجليزية يدور عن القمع الفكري وكبت حرية التعبير وملاحقة الأفراد زورا خلال فترة المكارثية في الولاياتالمتحدة. وهذه كلها آفات عانت منها دول أخري مثل مصر التي تسعي حاليا لتجنب تكرار حدوثها ثانية. ومن الناحية الأخري، فإن الندوة تعد تكريما لعملية ترجمة الكتاب ذاتها باعتبار أنها مثال للترجمة المتفانية رفيعة المستوي التي نحتاج إلي العشرات من مثيلاتها في مرحلة إعادة البناء التي تمر بها مصر حاليا. و قد قام بهذا العمل الجليل الدكتور رمسيس عوض، أستاذ الأدب الإنجليزي بكلية الألسن جامعة عين شمس. وخلال مشواره الأكاديمي، كان المترجم قد اضطلع بمهمة ترجمة كتب عديدة في موضوعات شتي منها محاكم التفتيش. وفي الحقيقة إن ما ترجمه من كتب يضرب مثلا يحتذي في الترجمة المسئولة. بل واتضح إحساس المترجم العميق بحجم هذه المسئولية من خلال مداخلته المهمة أثناء الندوة التي أكد فيها علي اهتمامه بشكل خاص بالبحث عن الكلمات العربية التي ترادف بدقة بالغة معني الكلمة الإنجليزية في النص الأصلي. وأوضح أن هذه العملية ذات أهمية قصوي فمن شأنها تقنين وتأطير استخدامنا في الوطن العربي للكثير من الكلمات (وبالتالي المفاهيم) المأخوذة من الفكر الغربي. وضرب في هذا الصدد مثالا بليغا بكلمة "العلمانية" التي يشيع استخدامها في الوطن العربي علي أنها تعني "اللا ديني" أو "المعادي" للدين في حين أن معناها في اللغة الأصلية التي ترجمت منها مخالف تماما لهذه الدلالة إذ غالبا ما تستخدم للإشارة إلي ما هو "دنيوي" أي ما لا يتعلق بالغيبيات. وعلي صعيد آخر. حظيت الندوة بإدارة السيد يس ومشاركة أنيسة حسونة الأمين العام بالمجلس المصري للشئون الخارجية وبهي الدين حسن عضو مجلس حقوق الإنسان، الذين ساهموا بجدارة في إثراء الندوة. و قد دارت مداخلاتهم حول فكرة الربط بين فحوي الكتاب المترجم والواقع المعيش حاليا. فاهتم السيد يس بتوضيح أهمية الانتباه إلي الظروف والملابسات الاجتماعية والسياسية التي قد تفرز قمعا للحريات رغم وجود دستور قوي ونظام ديمقراطي وهو ما حدث في أمريكا أيام المكارثية التي يتحدث عنها الكتاب المترجم. أما أنيسة فقد اهتمت بإبراز مشكلة المكارثية مع إفشاء التشكيك في نوايا ونزاهة أفراد المجتمع الواحد بصورة تقوض التعايش السلمي وقارنتها ببعض ما يحدث في مصر الآن من تشكيك بعض فئات المجتمع في سلامة مشاعر الانتماء للوطن أو العقائد عند البعض الآخر وبينت مغبة هذا الأمر. أما الأستاذ بهي الدين فقد أبرز أهمية ما جاء في الكتاب المترجم عن المثقفين والفنانين خلال فترة المكارثية سواء هؤلاء ممن اتهموا زورًا بالترويج للشيوعية أو أولئك ممن تواطئوا باتهامهم بالباطل. وبدوره ربط هذا الأمر بدور بعض الفنانين والمثقفين في مصر قبل وبعد ثورة 25 يناير. ه. ع