, يحمل قلبا وضميرا, ما حدث في سوريا في الأسبوع قبل الماضي, عندما تم قصف عشرات المدنيين منهم أطفال, بالاسلحة الكيماوية, أو بأي أسلحة أخري. ولكن أيضا لن يقبل أحد, يملك عقلا وفكرا, أن تقوم دولة عظمي مثل الولاياتالمتحدة بإتهام وإدانة سوريا بهذه الجريمة, بل واتخاذ إجراءات عسكرية ضدها مباشرة حتي قبل أن يصدر حكم من المحاكم الدولية يدينها; لقد بادرت واشنطن بمعاقبة سوريا بالرغم من أن الاعلام وصفها بال المشتبه فيه. أما لماذا سارعت الولاياتالمتحدة بالضربة العسكرية, كما فعلت قبل14 عاما في العراق, فالأسباب واحدة وإن اختلفت الأسماء. وذلك ما نطلق عليه المؤامرة التي حيكت منذ سنوات ليست بطويلة, وتنفذ بحذافيرها, لتقسيم دول الشرق الأوسط, خاصة الدول التي تنافس إسرائيل في قوتها العسكرية أو الاقتصادية. لكن لماذا تتخذ واشنطن هذه الخطوة الآن, بالرغم من ان إدارة أوباما لم تذهب الي هذا الحد بسبب مخاوف الرئيس الأمريكي السابق من الفراغ السياسي الذي سيتسبب فيه إن هو أسقط نظام الأسد, ومخاوفه من أن تقوم داعش بملء هذا الفراغ; وبالرغم من أن الرئيس الأمريكي الحالي, دونالد ترامب أكد خلال حملته الانتخابية أنه لن يسقط نظام الأسد لأنه يحارب داعش مثل روسيا وايران, أي أنه يستغل نظام الأسد في الأعمال العسكرية الي أن يستنفذ غرضه منه. فهل استنفد اليوم غرضه من نظام الأسد؟ وأن أيا كان إسم القابع في البيت الأبيض في واشنطن سواء كان بوش أم أوباما أم ترامب فإن من الواضح أن المخطط الذي تم وضعه منذ سنوات لتقسيم دول الشرق الأوسط, ينفذ بحذافيره عاما بعد عام. ودولة بعد دولة. بدأت تلك الخطوات منذ سنوات عندما قررت الولاياتالمتحدة بدء تشكيل ما أسمته جيش التحرير السوري, لمحاربة جيش النظام السوري; ولكن جيش التحرير لم يثبت قوته أمام قوات جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا التي أسرت قائده وعددا من مساعديه وعشرات من مقاتليه في غارات شمالي البلاد, في العام الماضي. كما نجحت قوات جبهة النصرة في غاراتها ضد القوات التي يساندها الغرب بالاستيلاء علي أسلحته التي تلقاها من الغرب, وصواريخ أمريكية مضادة للدبابات; فقام الغرب بحل جبهة ثوار سوريا واعتمد علي قوات النظام السوري لضرب داعش وجبهة النصرة. وبعد أن نجح نظام بشار من دخول المدن التي كانت تحتلها داعش, انتفت مصلحة أمريكا مع نظام بشار الأسد, فحق إسقاطه. من أجل الوصول الي ذلك قامت القوات الأمريكية بعدة خطوات; بداية قامت بقطع الطريق أمام القوات السورية الي مدينة الرقة والمنطقة المحيطة بها; فلم تتحرك المنظمات العالمية لحقوق الانسان والمحاكم الدولية لإدانة دولة تمنع دولة أخري بقوة السلاح من الدخول الي إحدي مدنها. ثم جاءت الخطوة الثانية بإجراء إتفاق مع أكراد سورياوالعراق لإقامة دولة كردستان الكبري, باستقطاع أراض من سوريا ومن العراق لإقامة تلك الدولة الجديدة; ومرة أخري لم يتحرك الرأي العام ضد تقسيم دولة ذات سيادة لإقامة دولة أخري جديدة, كما فعلت إسرائيل من قبل; وأخيرا, أدت عمليات القصف المتتالية التي قامت بها القوات الأمريكية ضد مواقع داعش في الرقة الي إلحاق أضرار جسيمة بجسد سد الطبقة, أو ما عرف بسد الثورة أو سد الفرات, والذي في حالة تفسخه أن يقضي علي مئات الآلاف من الأرواح غرقا. والآن جاء قصف مدنيين بأسلحة كيماوية ليكون المسمار الأخير في نعش النظام السوري, ومبررا لدخول القوات الأمريكية بدون موافقة الكونجرس أو مجلس الأمن أو الحلفاء.