يأتي انعقاد القمة العربية في وقت قد أصبح فيه الوطن علي المحك وقد تعرض النظام الإقليمي العربي للتمزق وقد عصفت به رياح وعواصف اقتلعت ليس فقط أوتاد الدول بل أركان هويته.. وقد كانت نتائج ذلك تلك الحالة من الفوضوية المدمرة والتي لا تعمل سوي لمصلحة قوي أخري خارجية, وذلك ما لمحت له بعض الكلمات التي تحدثت عن التدخلات الخارجية التي عقدت من الأزمات بل والمحنة التي تمر بها الأمة العربية.. لقد جاءت تلك الكلمات من القادة العرب وهي تقطر بالألم والمرارة التي فرضتها تلك الأوضاع القاسية التي تمر بها المنطقة.. وقد يطرح كل منها رؤيته ورصده عما يحدث في الواقع العربي أو المحنة التي تتجاوز مفهوم الأزمة بكثير مما يصعب من تدارك الأوضاع واسترداد هذا الوطن مرة أخري ليعود أدراجه بدوله الإقليمية التي تشوهت ملامحها وسماتها تحت يد ذلك الإرهاب المدمر.. لقد تحدث الجميع عن الوضع المتردي وغير المسبوق في كل من سوريا وليبيا والعراق واليمن والذي طالت يده كل الدول العربية وكل شخص عربي سواء بطريق مباشر أو غير مباشر.. لقد تهاوت اقتصاديات الدول العربية بل بعضها قد دمر بالكامل عبر الطائفية البغيضة التي كانت كالآفة التي أكلت الأخضر واليابس.. لقد كانت كلمة الرئيس السيسي بمثابة نوع من التشخيص التفصيلي للوضع المتردي الذي تعيشه الأمة العربية, وكيف أن هناك علاقة تفاعلية ما بين ضعف الدول الوطنية وما بين تمدد الإرهاب وانتشاره.. لقد وصف الرئيس السيسي الوضع في المنطقة بالأخطار غير المسبوقة من قبل الإرهاب الطائفي الذي يستهدف المصالح العليا للأمة العربية وأنه لابد من استعادة وحدة الصف العربي لمواجهة هذه الأزمات واتخاذ موقف صارم في الشئون الداخلية لمواجهة الإرهاب عسكريا وفكريا والمزيد من المشروعات التنموية.. لقد وضع الرئيس السيسي ملامح رؤية لا تقتصر فقط علي توصيف ذلك الواقع المرير وتلك القضايا والأزمات التي تواجهها الأمة العربية , ولكن أيضا كيفية التحرك العربي والآلية التي يجب أن تتم هذه المواجهة من خلالها والتي تقوم علي أساس وحدة الصف العربي.. أن الإقرار بالقضايا الأساسية والثوابت شيء مهم كمحورية القضية الفلسطينية باعتبارها الكتلة الحرجة في تحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة العربية, ولكن الأهم هو كيف يمكن تحقيق ذلك علي أرض الواقع.. أن ترتيب الأولويات في ذهن القيادات العربية وكيفية الاتفاق عليها وهو ما قد يتطلب العديد من التنازلات علي المستوي القطري والشخصي.. هناك الكثير من الموروثات والممارسات التي تعودنا عليها في الماضي وكانت محصلتها هي تلك المحنة التي نواجهها والتي آن الأوان أن تتخلي عنها زعامات وقيادات الدولة العربية وألا يكون هناك صوت يعلو علي صوت مواجهة هذه المحنة واستعادة الدول الوطنية بالقضاء علي الإرهاب وإعادة بناء الدول من جديد.. لقد حملت بعض الكلمات نوعا من المرارة والأسي علي ذلك الوضع المحزن والذي قد طغت ظلمته علي أية بصيص أمل في المستقبل وقد كانت هذه الكلمات صادمة لعلها تكون بمثابة جرس إنذار لكيما ماتفيء قيادات هذه الدول وشعوبها.. إن الحلول لن تأتي من الخارج علي حد تعبير ميشيل عون رئيس لبنان الذي وصف الوضع العربي توصيفا دقيقا يشوبه الحزن وانقطاع الرجاء..وهنا يأتي التساؤل هل ستكون هذه القمة كسابقتها من القمم العربية التي تنتهي بمجموعة من التوصيات أم أنها ستكون بالفعل بداية لتنقية الأجواء والوحدة الحقيقية للصف العربي للاصطفاف والمواجهة, وأن تتحول إلي مجموعة من الخطوات العملية وآليات التنفيذ.. لم يعد لدينا رفاهية الوقت وبالقطع أية مساحة للاختلاف والخلافات وأن هذه القمة ستكون شاهدا علي قيادات وملوك العالم العربي أمام التاريخ وكيف أنهم لم يتكاتفوا ويواجهوا هذه المحنة ليستعيدوا دولهم وينقذوا شعوبهم, وقد يكون أقرب عنوان يمكن أن تعنون به هذه القمة هو قمة المصير.