قامت مجموعة من الشباب في منطقة الشرابية في القاهرة ببتر يد شاب اتهموا أخاه بسرقة هاتف محمول.. وفي شمال سيناء بث تنظيم داعش فيديو لعملية ذبح رجلين اتهمهما التنظيم بممارسة السحر والكهانة.. وفي قرية المهيدات بصعيد مصر حاصر مجموعة من الشباب منزل أسرة مسيحية للمطالبة بالكشف عن مكان ابنتها التي قالوا إنها أسلمت وتزوجت من أحدهم. قد تبدو هذه الحوادث وهي مجرد عينة مما تحفل به الصحف ووسائل الإعلام الأخري- منبتة الصلة ببعضها بعضا ولا شيء مشتركا يجمع بينها باستثناء أنها شكل من أشكال الخروج علي القانون وجزء من ظاهرة متنامية في المجتمع يأخذ فيها الأفراد القانون في أيديهم ويطبقونه بأنفسهم. لكن نظرة متفحصة للأمر تكشف عما هو أخطر بكثير من ذلك.. طغيان تفكير يصور لنفسه أنه موكل بتطبيق شرع الله كما يراه ويفهمه وقد يكون صادرا في ذلك عن اقتناع أو مجرد تمسح باسم الله تبريرا وتفسيرا لجريمة. في جريمة الشرابية ينقل الموقع الالكتروني لصحيفة البوابة عن إحدي السيدات قولها لبرنامج العاشرة مساء إن رجلا سلفيا هو الذي قطع يد الشاب بالسيف وهو قول يتعين التعامل معه بحذر خصوصا وأن شهودا آخرين قالوا إن الجناة هم إخوة للشاب الذي سرق هاتفه المحمول. غير أن ما قالت إنها سمعته من هذا الرجل وهو قوله لا إله إلا الله والله أكبر, هنقيم الحد عليك علشان تكون عبرة لغيرك, وحتي لا يسرق أخوك أحدا مرة أخري هو ما يستحق التوقف عنده لأن شهودا آخرين قالوا إن الجناة قالوا إنهم نفذوا حد السرقة ببتر يد الشاب حتي وإن لم يكن هو من سرق. في حادث شمال سيناء ظهر في الفيديو رجل يتلو ما قال إنه حكم محكمة شرعية بإدانة الرجلين بالقتل ردة لممارستهما الكهانة وادعاء علم الغيب ودعوة الناس للشرك. وفي محافظة الأقصر التي تتبعها قرية المهيدات وقرية العديسات قبلي وبحري نشر شاب علي صفحته في الفيسبوك وفق ما ذكرت الأستاذة عزة كامل في المصري اليوم نداء الي أهالي العديسات قائلا هلموا الي اخوانكم في المهيدات. أختكم أميرة دونها الرقاب..لا تخذلوا أختكم المسلمة وتتركوها للكلاب.. حاصروا المكان ولا تبرحوه الا والبنت معكم.. كيف يمكن التفريق بين ما يمارسه الدواعش في سيناء وبين ما حدث في الشرابية في القاهرة وما حدث في المهيدات في محافظة الأقصر بصعيد مصر. أي من الجرائم الثلاث يمكن تصنيفها علي أنها إرهاب وأي منها يمكن أن يندرج تحت مسمي جريمة عادية. الجميع استخدموا اسم الله تبريرا لأفعالهم والجميع شرعوا لأنفسهم قوانينهم الخاصة بهم وأخذوا هذه القوانين في أيديهم وقاموا بتطبيقها أو كما في حالة المهيدات سعوا الي تطبيقها. مصر تخوض حربا علي الإرهاب وقد يتصور البعض أن هذا الإرهاب موجود فقط في شمال سيناء حيث يسقط كل يوم ضحايا من رجال الجيش والشرطة في مواجهات دموية. وقد يقول البعض وهذا صحيح إن دولا إقليمية تقف وراء تمويل وتسليح الإرهابيين في شمال سيناء لكن ماذا عن أفكار وممارسات الإرهاب في باقي أرجاء مصر. هل هناك من مول شبان الشرابية لكي يقوموا ببتر يد شاب بدعوي تطبيق حد السرقة وهل هناك من وقف وراء شباب المهيدات لكي يحاصروا منزل أسرة مسيحية؟ نحن في مواجهة فكر تغلغل في عقول فزين لها أن ما تفعله هو الدين وما لم نتحرك فسوف يجرفنا الطوفان.