بالرغم من انخراط جامعة الدول العربية في كثير من المشكلات الإقليمية في العالم العربي إلا أن المنظمة التي تعقد قمتها سنويا في شهر مارس باتت بعيدة عن المشاركة في حل المأساة الأكبر في المنطقة العربية وهي الحرب الدائرة في سوريا, وذلك بسبب تجميد مقعد دمشق. كان وزراء الخارجية العرب قد قرروا في نوفمبر2011 تجميد مقعد سوريا بسبب ممارسات النظام ضد الشعب, وبينما حاولت دول عربية تسليم مقعد سوريا للائتلاف الوطني المعارض, وتم وضع علم الثورة السورية في قمة قطر2012 إلا أن الأمر لم يتم أيضا بسهولة بسبب عدم اكتمال مؤسسات الائتلاف ليصبح المقعد خاليا في قمة الكويت.2013 لكن دعوات روسية لإعادة سوريا للجامعة العربية قد تكررت خلال عدة أشهر قبل أن تصدر لجنة الشئون العربية في مجلس النواب المصري, بيانا قبل شهر من القمة العربية التي عقدت أمس في الأردن قالت فيه أن استمرار بقاء مقعد سوريا في الجامعة العربية شاغرا أمرا غير مقبول. وفي اجتماع وزراء الخارجية العرب للإعداد للقمة دعا إبراهيم الجعفري إلي عودة مقعد سوريا, وأضاف خلال الاجتماع الذي عقد في7 مارس الحالي أن الخلافات تحل بالحضور وليس بالغياب. لكن الأمر ليس بالبيانات أو بالدعوات إذ أن دولا عربية تأخذ موقفا متشددا من النظام السوري لا تري حلا في وجود الرئيس السوري بشار الأسد, فيما تري قوي دولية تتزعمها روسيا وإقليمية تتزعمها إيران أنه لا حل إلا في وجود بشار. وقد اعتبرت الحكومة السورية أن تجميد مقعد بلادها في الجامعة العربية هو انحياز في الصراع الدائر علي الأرض السورية ومن ثم أصبحت الجامعة العربية طرفا غير مسموع الكلمة وليس وسيطا يملك مرونة التحرك هنا أو هناك. ولا تملك الجامعة العربية حاليا سوي تقديم دعم معنوي للدول التي تستقبل اللاجئين السوريين مثل الأردن ولبنان أو أن تدعو لتقديم دعم مادي لهذه الدول دون أن تحدد مبالغ أو تعتمد آلية أو تضع خطة زمنية. وتنتظر الجامعة العربية وتراقب نتائج ما تسفر عنه نتائج مفاوضات الأطراف الأخري في جنيف أو الأستانة دون قدرة علي المشاركة أو الضغط علي أي طرف, ووفقا لأمينها العام أحمد أبوالغيط فإنه يجب إحاطة الجامعة العربية بنتائج المفاوضات حتي تستطيع المساعدة. وبينما تضغط دول عربية كالعراق من أجل إعادة المقعد للحكومة في دمشق مدعومة بضغط دولي تتكفل به روسيا, فإن الجامعة العربية التي لا تحتفظ بأي صلات مع نظام الرئيس الأسد, لا تملك سوي التنديد بالتدخل العسكري المتعدد في الأراضي السورية. وفيما يبقي المقعد خاليا إلا أن المأساة التي يدفع ثمنها الشعب السوري تجعل سجله مليء بالجراح التي لا تتفهمها مناورات الساسة أو مراوغات المؤسسات الدولية.