* فزع العرب واعتقدوا أن نهاية العالم قد أوشكت من حركة النجوم الشديدة صعودا وهبوطا وكثرة انقضاض الشهب لحرق كل شيطان يقترب من السماء يسترق السمع ليعرف اخبارها ويعرف مقادير الناس علي الأرض ثم يخلطون معلومة صحيحة بعشرات الاكاذيب ليعطوا لأنفسهم سطوة ليست لهم, مع من يسخرونهم من البشر فيزيدون الناس رهقا. ذهب كبار القوم إلي كاهن اسمه( خطر بن مالك) يعيش في جبل قريب وكان شيخا كبيرا طاعنا في السن تجاوز المائة بكثير وكان اعلم الكهان في الجزيرة العربية. وسألوه: هل عندك علم من هذه النجوم التي يرمي بها, فإنا قد فزعنا لها وخشينا سوء عاقبتها؟ فأمرهم امهاله يوما وذهبوا إليه في السحر كما طلب فوجدوه شاخصا ببصره إلي السماء وقال شعرا بليغا عن نبي آخر الزمان الذي ولد هذا العام. ولما اراد العرب معرفة المزيد منه قال عجبا: والحياة والعيش انه لمن قريش, ما في حلمه طيش, ولا في خلقه هيش( قبح) يكون في جيش وأي جيش من آل قحطان.. وقالوا له من اي قريش هو؟ فقال: والبيت ذي الدعائم( الكعبة) والركن والاحائم( بئر زمزم) انه لمن نجل هاشم من معشر كرائم يبعث بالملاحم وقتل كل ظالم, ثم قال: هذا هو البيان اخبرني به رئيس الجان الله اكبر جاء الحق وظهر وانقطع عن الجن الخبر ثم سكت وأغمي عليه فلما افاق قال لا إله إلا الله, سمع النبي صلي الله عليه وسلم هذه الرواية فقال لقد نطق عن مثل نبوة وانه ليبعث يوم القيامة امة وحده. وقد بدأ نزول القرآن الكريم بعد هذه الواقعة مع هذا الكاهن بأربعين سنة مفسرا ما حدث في قول الله تعالي علي لسان الجن: وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا, وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا, وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا, وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا. صدق الله العظيم لذلك صرخ إبليس صرخة شقت عنان السماء يوم مولد النبي صلي الله عليه وسلم وكانت تلك صرخته الثالثة.. الأولي: عندما لعنه الله بعد ان عصي أمره بالسجود لآدم. الثانية: عندما طرده سبحانه من الجنة الرابعة: يوم نزلت الفاتحة وخواتيم سورة البقرة من تحت عرش الرحمن حينما تلقاهما النبي صلي الله عليه وسلم من الله تعالي في رحلة المعراج دون وسيط. * والكهانة انتهت بمولد الرسول صلي الله عليه وسلم بعد أن كان لها شأن عظيم في الجاهلية وقبلها وهم رجال الدين وسدنة الاصنام, وكان بعضهم علي معرفة بعلم التنجيم والفلك. ولكنهم جميعا كانوا علي صلة بالجن الذين يمدونهم بما يتسمعونه من أخبار السماء وكان منهم ايضا نساء فالتي انقذت حياة ابي النبي عبد الله من الذبح كاهنة تدعي سجاح ذهب إليها وفد من مكة علي رأسهم ابوه عبد المطلب إلي مقرها بالمدينة فوجدوها بخيبر فركبوا إليها واخبروها بالنذر الذي أخذه عبد المطلب بذبح ابنه إذا بلغ ابناؤه عشرة فطلبت امهالها يوما حتي يأتي تابعها من الجن وسألتهم ما الدية في القتل فقالوا عشر من الابل فقالت اضربوا القداح بينه وبين الابل حتي تقع عليها ووصلت إلي مائة بعير وتحقق قدر الله في نجاته لينجب سيد المرسلين وخاتم النبيين. * وقبل المولد بحوالي ثلاثمائة سنة اراد احد ملوك اليمن تبع أي المتبوع, واسمه( أسعد الحميري) ان يغزو الجزيرة العربية وعندما أراد ان ينتقم من اليهود ليخرجهم من يثرب لأن الأوس والخزرج استغاثوا به حيث كانت اصولهم من اليمن ونزلوا إلي يثرب( المدينة) مع اليهود علي شروط وعهود كانت بينهم فلم يحافظ اليهود علي عهودهم بل اذلوهم وبينما تبع يقاتل اليهود ليستأصلهم من يثرب جاءه حبران يهوديان راسخان في العلم اسمهما سحيت ومنبه حينما سمعا بما يريد من اهلاك( المدينة) وأهلها فقالا له: أيها الملك لا تفعل فإنك ان ابيت الا ما تريد حيل بينك وبينها( يثرب) ولم نأمن عليك عاجل العذاب فقال لهما: ولم ذلك؟ فقالا: هي مهاجر نبي يخرج من هذا الحرم من قريش في آخر الزمان تكون( يثرب) داره وقراره ودار اقامته.. وانصاره قوم من اليمن. تراجع الملك عن غزوهم وبني بيتا للرسول صلي الله عليه وسلم حتي إذا هاجر يسكن فيه وأمر مجموعة من العلماء الذين معه ان يسكنوا في المدينة ليكونوا انصارا لهذا النبي إذا بعث ولحقوه, واصطحب الحبرين اليهوديين معه إلي اليمن.. وفي الطريق إلي مكة اخبراه بقداسة الكعبة.. وبعد أن رأي رؤية كساها بأفخر الثياب. ويمر الزمان ويهاجر الرسول صلي الله عليه وسلم إلي المدينة, وكل واحد من اهلها يريد أن يجذب ناقته ليستضيفه في بيته.. فيقول لهم صلي الله عليه وسلم دعوا الناقة فإنها مأمورة فتبرك الناقة امام بيت أبي أيوب الانصاري أحد احفاد كبير العلماء اليمنيين الذين تركهم الملك تبع. ودار ابي أيوب التي نزل بها النبي صلي الله عليه وسلم هي نفس الدار التي بناها الملك اليمني للنبي صلي الله عليه وسلم منذ300 سنة. ولذلك قال النبي صلي الله عليه وسلم عنه: لا تسبوا أسعد الحميري فإنه أول من كسا الكعبة. * ولذلك كان مولد الرسول صلي الله عليه وسلم في يوم الاثنين12 ربيع الأول الموافق20 أبريل سنة571 ميلادية.. نقطة فاصلة علي الأرض. ويوم الاثنين يوم مبارك.. ففيه ولد الرسول وفيه بدأ الوحي ونزل سيدنا جبريل عليه السلام وفيه هاجر من مكة, ويوم الاثنين وصل إلي المدينة وكان رحيله صلي الله عليه وسلم يوم الاثنين. وقال النبي صلي الله عليه وسلم: إن الله بعثني رحمة للناس كافة. ونزل قول الله تعالي: يا أيها النبي إنا ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا. وداعيا إلي الله بإذنه وسراجا منيرا. صدق الله العظيم