فلم يتخذوا موقف الخائف المذعور المدافع عن النفس, كما كان يحدث بعد أي هجوم أو محاولة لهجوم إرهابي في بريطانيا أو غيرها من بلدان أوروبا. وبدون ترتيب, علي مايبدو, سار تعاملهم مع توابع الهجوم علي البرلمان, في اتجاهين. أولاهما الإسهام الفعلي الذي يثبت أنهم جزء من نسيج المجتمع, وثانيهما التوعية بالإجراءات الأكثر فعالية لمواجهة أي اعتداءات. لم تكد تمر24 ساعة علي الهجوم, حتي طرح شاب مسلم تصادف وجوده في مبني البرلمان ساعة الهجوم وظل حبيس المبني لمدة5 ساعات ضمن تدابير تأمين المنطقة, مبادرة فريدة لجمع التبرعات لمساعدة الضحايا. وخلال الساعات الأولي, تبرع المسلمون ب1000 جنيه استرليني كل ساعة, ما يعني أن حجم التبرعات قد يتجاوز السقف الذي يأمل الشاب ويدعي مدثر أحمد, أن يصل إلي20 ألف جنيه استرليني حتي19 أبريل المقبل. ولقيت المبادرة, الذي اختير لها اسم مسلمون متحدون من أجل لندن, اهتماما إعلاميا هائلا بعد أن جمعت حتي الآن ما يقرب من15 ألف جنيه استرليني. يقول مدثر: لا يمكن لأي مبلغ من المال أن يعيد الأرواح التي زهقت أو تزيح الألم الذي يمر به الضحايا وأسرهم, فإننا نأمل أن تخفف العبء عنهم بطريقة ما. وطلبت الحملة الدعم من كل المسلمين والمساجد والأئمة والقادة والجماعات التي تمثل المسلمين في بريطانيا بالترويج للمبادرة ودعمها. غير أن مدثر يقول: رغم أن تلك مبادرة مسلمين, فإننا نرحب بالأسهامات من جانب أصدقائنا من معتنقي الأديان الأخري أو من غير المؤمنين بأي دين. أموال التبرعات سوف تقدم إلي اتحاد شرطة العاصمة التي بدأت حملة باسم كيب بالمر, ضابط الشرطة الذي قتله المهاجم خالد مسعود بسكين في مدخل البرلمان. وتعهد مدثر بأنه سوف يتأكد من ان كل التبرعات سوف توجه إلي الضحايا وأسر الضحايا الأكثر تضررا من الأحداث المآساوية. وبينما تتدفق التبرعات علي الحملة, بدأت منظمة إسلامية أخري حملة ثانية لتنظيم وقفات صامتة في أكثر من15 مدينة بريطانيا منها العاصمة لندن امام مقر الحكومة, لاستنكار الهجوم. واختارت منظمة مشاركة وتنمية المسلمين المعروفة اختصارا باسم ميند شعارا للوقفات هو نتكاف جميعا. وتقول المنظمة ان الهدف هو التعبير عن الوحدة في مواجهة الكراهية والفرقة. ولم يصدر, كما كان يحدث دائما, بيانات مستفيضة تذكر بأن الإسلام بريء من الإرهاب ومن أمثال هؤلاء المعتدين, خاصة أن منفذ هجوم البرلمان, هو كما تقول الشرطة, في الثانية والخمسين مسجل جنائي منذ أكثر من ثلاثة عقود وصدرت ضده سلسلة أحكام تؤكد ميوله العنيفة, وأن آخر حكم صدر بحقه كان قبل13 سنة. وبالتزامن مع الحملتين, انتشرت بين المسلمين رسائل نصية تنصح, المسلمات المحجبات بتجنب السير في الشوارع الفرعية أو الأماكن البعيدة عن الأنظار, وبالاتصال بالشرطة فور التعرض لأي اعتداء أو محاولة اعتداء. ورغم تسجيل اعتداءات, فإنها كانت أقل بكثير مما سجل مثلا حتي بعد الاستفتاء علي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتصاعد موجة رفض الأجانب. وقالت الشرطة إنه سوف تتعامل بحزم وبالقانون من مرتكبي أي مخالفات تنم عن كراهية أو عنصرية. وفي هذا المناخ, بدا واضحا أيضا أن هناك حملة تكاتف واسعة النطاق عبرت عن نفسها علي شبكات التواصل الاجتماعي بصور تعبيرية وأفكار مبدعة لا حصر لها تعكس روح التحدي وإعلاء قيمة التنوع العرقي والديني والتضامن مع الشرطة في مواجهة الإرهاب والعنف والكراهية.