اختار الكاتب عمر طاهر عنوانا لكتابه الجديد صنايعية مصر وكعنوان فرعي مشاهد من حياة بعض بناة مصر في العصر الحديث, ليكون مرجعا لكل مصري عن الأشخاص الذين ساهموا في رسم ملامح هذا البلد وتاريخ حياة سكانه, دون أن يحصلوا علي نصيبهم من الضوء والمحبة والاعتراف بالفضل وأكد أن من ذكرهم في الكتاب ما هم إلا ما تيسر من سيرة بعضهم. وذلك حتي لا يقول البعض أن مصر لم يعد فيها مبدعون أو صناع حضارة أو مخترعون; وأننا لا نستخدم إلا ما يصنعه الآخرون غربا وشرقا. لذا فإن كتاب صنايعية مصر هو تذكرة لكل مصري أن هناك مصريين تعلموا وعاشوا في مصر, استطاعوا أن يصنعوا أمجادا في الداخل وليس فقط في الخارج, وفي العصر الحديث وليس فقط في الماضي البعيد, ومن أجل المصريين البسطاء والعاديين في جميع أنحاء البلاد, وليس فقط لطبقات معينة. كل ما صنعه هؤلاء مازلنا نستخدمه الي اليوم في حياتنا اليومية, ولكننا لا نعرف القصة وراءها, ولكن عمر طاهر أخذ الخطوة الإضافية في البحث والاستقصاء عن القصص وراء كل تلك الأعمال الخالدة, فكتب عن عبد اللطيف أبو رجيلة صنايعي الحرب والاتوبيسات وكرة القدم, فقدم نادي الزمالك الذي رأسه لفترة من الزمن وحوله الي مؤسسة, ثم اتجه الي المواصلات العامة التي باتت تعرف بأتوبيسات أبو رجيلة, استخدم فيها400 اتوبيس يخدم13 مليون راكب شهريا, واعتبرها حسب شهادة الكاتب أحمد بهجت عنه جزءا من نسيج الحياة اليومية للمواطن العادي, فحرص علي أن تتمتع بالدقة واحترام الراكب وأداء العمل علي أكمل وجه, علي الرغم من إنها تخدم المواطن العادي. من هؤلاء أيضا الذين فكروا في المواطن العادي كان حمزة الشبراويشي الذي صنع كولونيا555 التي حسب قول عمر طاهر استخدمت في كل المناسبات, والتي لخصها علاء خالد في جملة تقول: كانت موجودة في احتفالات وافراح وأعياد ميلاد وأمراض وترمومتر وجروح وإغماءات البيوت المصرية. لم ينس عمر طاهر تومي خريستو صاحب شوكولاتة كورونا التي مازلنا نبحث عنها ومازلت عالقة في أذهاننا مع ذكريات الطفولة; وصدقي سليمان صنايعي السد العالي والمايسترو الذي قاد الأوركسترا الضخمة بنجاح, ويقول علمنا بناء السد أن الصبر لا يكمن في الاستسلام للزمن ولكن في مقاومته. وتتوالي الدروس التي يجب أن نفهمها ونستوعبها من وجيه أباظة صنايعي شغلانة المحافظ والتي قال عنه عمر طاهر ليست الفكرة في الإنجازات ولكن في طريقة العمل وفلسفة رعاية مصالح الناس والتعامل بذكاء مع القوانين والتشريعات وعرض نشر كتيب عن كيف قام وجيه أباظة بنجاح كبير في عمله كمحافظ ليكون مرجعا لكل من يتولي منصب محافظ. وتتوالي الدروس من كلوت بيك مؤسس الطب في عموم مصر الي النبوي المهندس صنايعي صحة مصر, الي صفية المهندس سيدة التاسعة والربع صباحا الي محمد كمال إسماعيل صنايعي مجمع التحرير والحرمين الشريفين وحكمت أبو زيد صنايعية الشئون الاجتماعية; وغيرهم كثير في كل المجالات الصحافة والطرب والفن والموسيقي, كل منهم لمس شغاف كل مصر في كل انحاء البلاد من جنوبها الي شمالها. لكن أهم شيء يجمع كل هؤلاء الذين ذكرهم الكتاب وحتي الذين لم يذكرهم بعد, هو أنهم طبقوا ما فعلوه هنا في مصر وليس في الخارج, حسب احتياج المصريين ولم يبحثوا عما نجح في الخارج لكي يطبقوه في الداخل. لقد بحثوا عن حلول مصرية للمشاكل المصرية. وهذا هو بيت القصيد.