أنا سيدة في منتصف الثلاثينات وأعمل في مهنة مرموقة, عندما تقدم زوجي لخطبتي منذ نحو أحد عشر عاما لم أجد فيه ما يدعوني للرفض إذ كان يعمل أستاذا في مهنتي ويكبرني بأربع سنوات وكان ينتظره مستقبل باهر في الدولة العربية التي يعمل بها حتي الآن. تزوجته وسافرت للإقامة معه وأنجبت منه ثلاثة أطفال علي مدار سنوات الزواج المتقطعة.. نعم المتقطعة, فمنذ البداية لم تنتظم علاقتتا الزوجية الحميمة وسرعان ما اكتشفت أن زوجي قد أدمن حياة العزوبية الجنسية بما فيها من مشاهدة الأفلام الإباحية, وقد حاولت بكل الطرق الاستحواذ علي انتباهه ورغباته لكنني لم أفلح خاصة بعد حملي وإنجابي لطفلي الأول فاعتاد زوجي علي السخرية من جسدي ومحاولاتي. لم أستطع الاستمرار معه طويلا فكنت أتركه وأعود إلي بلدي بحجة الحفاظ علي عملي, وأعود إليه بعد عدة أشهر لأكتشف إقامته لعلاقات جنسية سواء حقيقية أو علي الإنترنت, وعندما يئست من إصلاحه طلبت الطلاق ورفضت عرضا مغريا للعمل بتلك الدولة وعدت بأبنائي إلي بلدي. سيدتي: مر الآن أكثر من عام علي انفصالي عنه وهو لا يرغب في طلاقي, وعلمت أنه استشار طبيبا ووصف له نوعا من العلاج, لكنني لا أثق في التزامه, وأبحث داخلي عن أي مشاعر طيبة نحوه تدفعني لتحمله والمغامرة معه من جديد فلا أجد.. فهل أنا علي حق في تمسكي بالطلاق هذه المرة ؟ عزيزتي الزوجة العزباء: تجربتك مهمة جدا لأنها تلمس عديدا من الحالات التي تقابلني في عيادتي الخاصة, لذا أشكرك علي ثقتك في هذا الباب وشجاعتك في البوح بمعاناتك رغم حساسية موقفك وعذابك وحيدة مع زوج مع وقف التنفيذ, أري أن مشكلتك متعددة الجوانب تبدأ بعدم معرفتك جيدا بزوجك قبل الارتباط بالقدر الذي يسمح بارتباط وحميمية تصبو لها نفسك وجسدك, مرورا ببعد المسافات من حيث إقامتكما في دولتين مختلفتين وبالتالي معايشتكما لحياتين منفصلتين قلما التقيتما خلالها بشكل مشبع علي مدار سنوات طويلة من العزوبية في الزواج كما تصفين, وانتهاء باكتشافك لميوله الجنسية المرتبطة بمشاهدة الأفلام الإباحية ثم خياناته عبر الإنترنت أو بعلاقات غير منضبطة. تسألينني إذا كنت علي حق في التمسك بالطلاق هذه المرة, دعيني أطرح عليك بعض التساؤلات عن معني الزواج وقيمته بالنسبة لك وما تحتاجينه من زوجك وشريك حياتك, وهل نعمت بأي من احتياجاتك في أي وقت مع زوجك أم لم تعيشي فعليا حالة الزواج في المقام الأول؟ لقد أوضحتي محاولاتك الأولي لإرضاء زوجك حسيا وجنسيا والتقرب منه لكن لم ألمس من كلماتك ثمة نجاح تذكرينه كمرجعية يرتكز عليها في تغيير ما يمكن أن يكون قد طرأ علي علاقتكما, بل ألمس أن زواجك بالمعني النفسي والحسي أبدا لم يتحسن رغم مجهوداتك. صعوبة الوضع تكمن في المثل الشائع من شب علي شيء شاب عليه, وقد شب زوجك علي عزوبيته وحياته الجنسية الموازية, وبالتأكيد أن إعادة برمجته علي الزواج هو بمثابة تعارف من أول وجديد وتجربة للارتباط لم يعرفها من قبل, فإن لم تكوني علي وعي ودراية وصبر لخوض التجربة معه فلا أتوقع تغيرا ملموسا أو نتيجة تقربكما من بعضكما. فدعيني أصارحك أن رغم سوء موقف زوجك وتقاعسه طيلة السنين المنصرمة من علاقتكما,إلا أنك أنت أيضا تنازلتي عن حقوقك بالهروب بعيدا عن أرض المعركة وتركتيه فريسة لأهوائه ولما تعود عليه, كما لا أعفيكي من مسئوليتك تجاه نفسك في قبولك كل هذا القدر من عذاب العنوسة وأنت في أوج أنوثتك واكتمالها وأنت لم تبلغي الأربعين من عمرك, فلماذا تأخرتي كل هذا الوقت لتطالبي بحقوقك المعنوية في زواج حقيقي حتي لو عن طريق طلبك الطلاق؟ ما الذي دفعك لدفن رأسك في الرمال حتي هذه اللحظة ؟ أظن أن بداية العلاج هو اعترافك بالمسئولية المشتركة عن سنوات البعاد والعزوبية التي لو افترضت أن زوجك فرضها عليك فلا يمكن أن أتغاضي عن الواقع المؤسف وهو أنك قد قبلتيها بل ذللتيها له! فإذا فتحتي أعينك علي هذه الحقيقة فربما تكون هناك فرصة لمشاركتك لزوجك العلاج الذي لن ينجح إلا بمشاركتك الضرورية ومعايشتك له عند الطبيب المعالج, فلتمنحيه وإياكي فرصة أخيرة حقيقية محددة المدة لمد أواصر الارتباط وإعادة برمجة سلوكه الحسي والجنسي علي ما يرغبه وما ترغبينه لعلكما تفلحان هذه المرة, أما لو لم ينصلح الحال فأظن أن لك كل الحق في ترك حالة العزوبية المتضاربة مع كونك زوجة علي بطاقة الرقم القومي فقط, ثم البحث عن شريك حياة تنعمي معه بالزواج خاصة أن خيانات الزوج تعرضك ليس فقط للألم النفسي والمعنوي لكن أيضا تحمل خطورة نقل أمراض جنسية أنت في غني عنها ولا ذنب لك فيها.