بين الحرية والفوضي خيط رفيع.. فالفوضي هي نوع من الحرية غير المحكومة بالعقل.. وإذا كان الرئيس السابق قد قال قولته المأزومة.. إما أنا أو الفوضي فقد كان يقول كما كنا نقول ونحن صغار يا فيها لأخفيها. بمعني إما أنا أو أفسد كل ما تفعلون.. والحمد لله أن مصر قد تخلصت منه دون أن تقع في قبضة الفوضي.. لكن..و هذا هو الموضوع أن الانفلات هو موقع وسط بين الحرية والفوضي ولكي نفهم واقع مصر الان فعلينا أن نحس حالة شخص ما كان سجينا طوال ثلاثين عاما يتحرك والحديد في يديه ورجليه ثم إذا هو بين ليلة وضحاها يجد نفسه قد أصبح حرا في الخلاء ينعم بالشمس والهواء.. ماذا يمكن أن يفعل.. سنفاجأ به يقفز في الهواء ويتدحرج علي الأرض ويزعق ويصرخ لكي يؤكد لنفسه تلك الحرية الجديدة الوليدة.. هذا هو بشكل ما حال مصر حاليا وهذا هو التفسير الملائم لحركات السلفيين والأصوليين والإخوان وكل تلك الفئات التي كانت سجينة بالفعل أو مهددة بالسجن أو مكبلة معنويا.. حين وجدت نفسها فجأة حرة. ولذلك نري السلفيين مثلا.. قد فهموا الحرية خطأ.. وقد فهموها علي أنها نوع من الفتونة أو إثبات الذات بطريقة حادة ومبالغ فيها وصلت أحيانا إلي قطع أذن الغير أو هدم الأضرحة أو الإعلان عن عداوتهم لكل من يخالفهم الرأي!. كذلك حاول ويحاول هؤلاء الخارجون علي القانون والذين نسميهم البلطجية أن يصيدوا في الماء العكر فهؤلاء هم عشاق الفوضي وكسر القانون ولا مانع من تجول المجرمين واللصوص في غيبة الشرطة.. هذا علاوة علي المساجين الذين تمكنوا من الهروب من السجون بالآلاف. كل هؤلاء أحدثوا نوعا من الفوضي.. لكن.. لكني مؤمن بأن مصر محروسة وأن الله هو الذي يحرسها ويوجه شعبها وشبابها نحو العدل ونحو الحق.. وإلا ما نجحت تلك الثورة رغم كل الحيل التي لجأ إليها النظام السابق وعلي رأسهم زعيمهم المخلوع. ** من جماليات الحرية أن من ذاقها لا يمكن أن ينسي طعمها.. وأن من افتقدها يعيش طوال حياته يحلم بها ولذلك ما أن يحققها حتي يتمسك بها كأنها هي حياته نفسها.. فإذا كانت تلك الحرية لم نصل إليها إلا بالتضحية بالروح وبالدم فإن الثمن إذن باهظ وعظيم. إنني أحس أن الحد الفاصل بين الحرية والفوضي ينكمش يوما عن يوم لمصلحة الحرية حتي نصل أخيرا إلي تنقيتها تماما من شوائب الفوضي.. فلا خوف علي مصر ولا خوف علي المصريين من أعدائها الداخليين والخارجيين معا. وعاشت مصر الثورة [email protected]