علق الكاتب البريطاني الباكستاني الأصل طارق علي رئيس تحرير مجلة نيو ليفت ريفيو.. علي الثورات العربية الحالية بقوله إن المرحلة الأولي لهذه الثورات قد انتهت, وان المرحلة الثانية التي بدأت محاولة سحق أو احتواء هذه الحركات. وقال في مقاله بصحيفة الجارديان البريطانية إن العالم العربي بأرضيته السياسية وحقول البترول في دول الخليج جاءت نتاجا لتجربة الكولونيالية أو الاستعمار الأنجلو فرنسي.. وتبعتها الحرب العالمية الثانية ثم عملية الانتقال الامبريالي إلي الولاياتالمتحدة, وكانت نتيجة ذلك توسعا صهيونيا. وقال إنه عندما انتهت الحرب الباردة هيمنت واشنطن علي زمام الأمور في المنطقة, وذلك عن طريق حكام تابعين لها, ثم عن طريق قواعد عسكرية لها واحتلال مباشر, ولم تدخل الديمقراطية ضمن الإطار, وهو ما مكن الإسرائيليين من الادعاء بأنهم واحة الضوء في قلب العتمة العربية, لذلك يأتي السؤال.. كيف تأثر هذا كله بالانتفاضة العربية التي بدأت قبل أربعة أشهر؟ وأوضح أنه في يناير الماضي رددت الشوارع العربية هتاف جماهيريا موحدا.. هو الشعب يريد تغيير النظام بغض النظر عن طبقته أو عقيدته, وفي14 يناير فر الرئيس زين العابدين بن علي إلي المملكة العربية السعوية, وفي11 فبراير أطاحت الثورة في مصر بالرئيس مبارك واندلعت ثورتان في ليبيا واليمن. وفي العراق.. احتج المتظاهرون ضد نظام المالكي ووجود قوات وقواعد عسكرية/ أمريكية واهتز الأردن بإضرابات عامة, وفي البحرين ظهرت دعوات لإطاحة النظام الملكي مما أثار خوف النظام السعودي ونظام الأسد في سوريا الذي يصارع من أجل بقائه. وكانت عوامل الثورات.. اقتصادية البطالة الجماعية والأسعار المرتفعة وندرة السلع الأساسية وسياسية الفساد والقمع, وكانت مصر والسعودية الأكثر أهمية للاستراتيجية الأمريكية في المنطقة, كما أكد نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن, عندما قال إنه أكثر قلقا بشأن مصر وليبيا ويتعلق القلق هنا بإسرائيل والخوف من احتمال أن تقدم حكومة ديمقراطية خارجة عن نطاق السيطرة علي الغاء معاهدة السلام. وفيما تظل الحركات الشعبية في كل من تونس ومصر متأججة, فإنها لا تملك الوسائل السياسية التي تعكس الإرادة الشعبية, فقد انتهت المرحلة الأولي وبدأت الثانية, وهي عودة التحركات إلي طبيعتها الأولية. وقال علي إن قصف ال الناتو لليبيا كان محاولة من الغرب لاستعادة المبادرة الديمقراطية.. لكن ذلك أحال الوضع إلي الأسوأ, فما قيل إنه عملية استباقية لتغيير المسار أدي إلي مقتل مئات من الجنود الكثير. ففي البحرين.. أدي التدخل السعودي بضوء أخضر أمريكي بهدف سحق الديمقراطيين المحليين, إلي تعزيز الطائفية الدينية وإلي تنظيم محاكمات سرية وإصدار أحكام بالموت علي المحتجين.. فالبحرين اليوم سجن كبير.. أما في سوريا فإن جهاز الأمن الذي تقوده عائلة الأسد يقوم بالقتل كما يشاء من غير أن يكون قادرا علي سحق الحركة الديمقراطية والمعارضة لا تخضع لسيطرة الإسلاميين, بل هي نتاج تآلف يضم جميع شرائح المجتمع باستثناء الطبقة الرأسمالية الموالية للنظام, إلا أن كثيرا من المثقفين السوريين اختاروا البقاء في الوطن يعانون من السجون والتعذيب والطائفية الاجتماعية مثل رياض الترك, وهناك كثير آخرون انضموا إلي القيادات السرية الخفية في دمشق, ويفضل الإسرائيليون والأمريكيون بقاء الأسد في موقعه مثلما كانوا يفضلون ذات يوم بقاء مبارك, إلا أن الحركات لم تستقر علي حال بعد. وفي اليمن قتل مئات من المواطنين.. إلا أن الجيش انقسم علي نفسه, ويحاول الأمريكيون والسعوديون جاهدين ربط الأطراف في ائتلاف جديد مثلما هو في مصر, غير أن الحركات الشعبية تقاوم أي اتفاق مع الحاكم الحالي. ولابد للولايات المتحدة أن تقنع بأجواء سياسية مغايرة في العالم العربي. ومن المبكر التكهن بالنتيجة النهائية.