هي منطقة من أجمل مناطق العالم علي الإطلاق, ففيها تجد مايسر عينك ويثلج صدرك من جمال طبيعي خلاب يجمع مابين الألوان الثلاثة الأزرق في النهر العظيم والأصفر الذهبي في رمال جبالها الناعمة وبينهما تتناثر الخضرة بلونها الذي يسر الناظرين.. عن منطقة أغاخان في غرب نيل أسوان غير المستغلة سياحيا نتحدث في هذا التحقيق. علي ربوة عالية ومن كل مكان في أسوان يمكن لزائرها أن يلمح تلك المقبرة التي تجمع مابين الحبيبين في قبرين متجاورين الأغاخان الأكبر وزوجته وشريكة عمره البيجوم أم حبيبة صاحبة الأيادي البيضاء علي العديد من المشروعات الإنسانية بالمدينة السمراء التي تنفذها من خلال مؤسسة محترمة هي مؤسسة أم حبيبة, فالأغاخان وهو السلطان الثالث للطائفة الإسماعيلية جاء إلي أسوان بعد أن حار معه الأطباء في علاجه من الروماتيزم فنصحه شيخ نوبي بالدفن بالرمال في غرب النيل لمدة3 ساعات يوميا وبعد أسبوع عاد السلطان إلي فندق إقامته سائرا علي قدميه فاختار مكان دفنه في الرمال ليكون مقرا لمقبرته, أما الزوجة فهي ملكة جمال فرنسا إيفون لابروس التي تزوجها الأغاخان وأشهرت إسلامها, وكانت حريصة علي أن تقيم في فيلتها الشهيرة كل فصل شتاء لتضع الوردة الحمراء علي قبره صباح كل يوم, وأوصت بدفنها بجوار زوجها ليتجاورا معا بعد أن سطرا واحدة من أروع اساطير العشق. وظلت المقبرة الشهيرة واحدة من أهم المزارات السياحية في محافظة أسوان, حتي قررت البيجوم غلقها بسبب ممارسات المصريين زائري المدينة من طبل ورقص وغناء دون احترام لقدسية الموت لتظل مغلقة إلي يومنا هذا, وهو ما دفع الأهالي والعاملين في السياحة إلي مناشدة الأمير الحالي كريم أغاخان إعادة فتحها بضوابط محددة. ولأن هذه المنطقة تحديدا لاتقتصر علي المقبرة فقط ولكن ترتبط بدير الأنبا سمعان أيضا, كما أنها تعد نموذجا مثاليا للسياحة البيئية الطبيعية والعلاجية, وكما يقول ضياء الحاج أحد العاملين بالسياحة متعجبا من البيروقراطية الحكومية التي تقف في طريق الاستثمار السياحي إنه ومنذ سنوات طويلة وتحديدا في فترة التسعينيات من القرن الماضي تعرض83 بازارا سياحيا في منطقة آغاخان بغرب النيل إلي حريق هائل أتي عليها بالكامل ليتشرد مع هذا الحريق مئات العاملين بها, خاصة بعد أن توقف حال أصحاب هذه البازارات تماما, وبمرور السنين الواحدة تلو الأخري ورغم صرخات المكلومين ومناشدتهم المتكررة للمسئولين لإعادة بناء البازارات من جديد مع استغلال المنطقة سياحيا ولو من خلال السياحة العلاجية, إلا أن أحلامهم تبخرت بسبب مماطلة الأجهزة الحكومية في إعادة البناء أو حتي السماح لهم بممارسة نشاطهم من جديد. ومما يثير الدهشة والاستغراب معا والكلام علي لسان ضياء أحد أصحاب هذه البازارات, هو أن تسعي وتبحث أسوان عن خلق نمط جديد من السياحة, بينما هذه المنطقة في مرمي بصر مسئوليها, فهي واحدة من أفضل وأجمل السياحات الطبيعية التي تعتمد علي ركوب الجمال والتنزه مابين الطبيعة الخلابة التي تجمع الماء والخضرة والرمال الذهبية, علاوة علي مزاري المقبرة والدير,فالمكان وطبيعته يمكن استغلاله سياحيا بشكل رائع ولكن للأسف لا حياة لمن كنا ولا زلنا ننادي! ويضيف أحمد عبد المجيد وهو واحد من منتفعي البازارات المحترقة إن عدد المحال التي دمرها الحريق تبلغ83 بازارا,وجميع أصحابها هجروا مهنتهم بعد تعمد المحافظة الواضح في عدم منح ماعرضته مؤسسة أم حبيبة من مقترح بتطوير المنطقة سياحيا الموافقات اللازمة للتصريح بإقامتها من جديد بشكل حضاري, وأوضح أن المنتفعين كانوا يسددون الإيجارات لإدارة أملاك الدولة الخاصة كما أن جميع المحال تمتلك سجلات تجارية وبطاقات ضريبية, ويقول: ناشدنا جميع محافظي أسوان منذ التسعينيات السماح لنا بممارسة نشاطنا التجاري وقوبلت جميع طلباتنا إما بالرفض أو المماطلة, مشيرا إلي أن مؤسسة أم حبيبة رصدت30 مليون جنيه لإعادة إحياء المنطقة السياحية من جديد, وذلك بإقامة بازارات تتفق مع طبيعتها بالإضافة إلي باكيات للجمال أيضا. وناشد إبراهيم عبد الباسط محافظ أسوان بإعادة إعمار المنطقة التي سوف يستفيد منها آلاف الأسر والجمالة بخلاف تشغيل عمالة كثيفة أخري في السياحة العلاجية,خاصة وأن مؤسسة أم حبيبة ستتكفل بتطويرها. وأضاف مطالبا باستغلال هذا الجزء في تنمية السياحة البيئية, وإعادة فتح المقبرة واستقبال السائحين علي أن يتم الربط بينها وبين دير الأنبا سمعان ومقابر النبلاء ومنطقة بربر الخلابة, فتطوير المنطقة وكما يقول سينعش سياحة المراكب الشراعية واللنشات النهرية وبيع المشغولات اليدوية النوبية وسيعود بالنفع علي الجميع. أما عبد الرحمن شاروبيم من أبناء النوبة فقد وجه الشكر إلي مؤسسة أم حبيبة التي أصرت البيجوم أغاخان علي تأسيسها لتقوم بالعديد من الأعمال الخيرية في أسوان, حيث تدعم وتساهم في تجهيز المستشفيات والمدارس وجمعيات تنمية المجتمع, وقال إن آخر أعمال المؤسسة في منطقة جبل تاقوق التي ينتمي إليها هو تطوير حضانة الأطفال وكذا المستوصف الطبي التابع لجمعية تنمية المجتمع الذي يتم تجهيزه بالأجهزة والمستلزمات الطبية لتقديم خدمات طبية متميزة لاهالي المنطقة, وطالب شاروبيم مجددا بالسماح للأفواج الأجنبية بزيارة المقبرة الشهيرة ضمن البرامج السياحية, حيث يعد ذلك عملا سينعكس بالخير أيضا علي أسوان التي لابد وأن تسعي لاستغلال أجمل مناطقها سياحيا.